"" لم أستطِع مقاومة نظرة عينيه... ""

لم تكن بوارِد الخيانة ولا فكرت يوماً في مخلوق على وجه الأرض ولا استرعى انتباهها أحد يُذكر، فأولاً لقد رسمت خطاً مستقيماً لمسار حياتها يرتكز على التربية الصارمة التي نشأت عليها في المنزل وفي المدرسة وثانياً عملها يستأثر بكل اهتماماتها ويسجن عواطفها ومشاعرها في إطار حديدي لا يُخترق...

 

بيد أنّ زوجها نفسه، كما يقولون بالعامية هو "من جاء بـ"لوكاس" الى كرمه" وهو الذي دفعها دفعاً لتلك العلاقة الرائعة التي فتحت لها أفقاً مليئاً بتجارب لم تعهدها من ذي قبل... لقد جاء به الى منزلهما الزوجي متمنياً عليها الترحيب به ومنحه أقصى درجات العناية كونه من العائلة ويتيم الأبوين اللذين كانا يعيشان في الطابق السفلي من مبناهما... وعندما قدّمه لها ووقع نظرها عليه، انطلقت شرارة الغرام، رغم فارق العمر، من النظرة الأولى ولم تستطع ان تلجم عواطفها الجيّاشة تجاهه ولا استطاعت مقاومة نظرة عينيه المليئة بالتساؤلات والرجاء والتوسل، وباتت تشتاق لهذه النظرة ولا تصدق متى تعود كل مساء لتتأملها... أما هو فبادلها المشاعر نفسها. باختصار... لقد ملك لوكاس قلبها وانتهى الأمر... وبلمح البصر أمّنت له جميع احتياجاته. وكل صباح، عندما كانت تنتظر في غرفة الجلوس زوجها ريثما ينتهي من "هندسة شبوبيته"، فيغادرا معاً المنزل ومن ثم كل الى مركز عمله، كان ينظر الى "طاولة الزهر" متمنياً لو يلهو قليلاً معها كونه كان يراقب في الأمسيات زوجها وأصدقاءه وهم يتبارون فيتمنى لو يشاركهم اللعب... فعلاً كانت تلاعبه كل صباح ولكم كان يذهلها بالطريقة التي يعتمدها في "قذف النرد" وكيف يفكر قبل تحريك الحجارة!!... وفي المساء عندما كانا يلتقيان كانت تحتضنه مستأنسةً بحرارة اشتياقه خصوصاً عندما يلاعب خصلاتها بيديه و"يغلغل" رأسه في شعرها متنهداً... إحساس لا يوصف يُدخل نفحات السعادة الى أعماقها... إلا ان الزوج، كان يستغرب كيف تحرص على انتقاء الأصناف التي يؤثرها وتبتاعها بنفسها كما تصطحبه الى الطبيب وتؤمن له الأدوية مهما كان ثمنها ولقد كلفتها قَصّة شعره ذات مرة 50 دولاراً فجنّ جنون "بعلها". ولقد قال لها لائماً: "تكرهين التبضّع من السوبر ماركت وتدّعين ان ليس لديك الوقت الكافي لذلك، لكن حين يتعلّق الأمر بلوكاس، تتركين كل شيء لتشتري له ما يرغب به، كفي عن الإهتمام به بهذا الشكل وإلا اعتبرتها خيانة من قبلك... أف!! انت نفسك لا تذهبين الى الطبيب حتى ولو كنتِ على فراش الموت، لكن السيد لوكاس يجب ان يحصل على أفضل عناية طبية في الكون ولا تتوانين عن دفع أجور الطبيب مهما كانت مرتفعة!" فأجابته قائلة: "انت من أتى به الى المنزل ولا يمكنك لومي... على كل حال انت المسؤول وانت من طلب إليّ إيلاءه اقصى درجات العناية والإهتمام، وانا ألتزم بما طلَبتَه مني. في النهاية، لوكاس يتيم ويجب الإعتناء به. أما قصّة تعلّقه بي فهذا امر طبيعي فأنا أمثل كل شيء بالنسبة له، وهو ليس له أحد غيري، أرجوك كفّ عن مضايقتي، لن أستغني عنه ولا يمكنك أن تتهمني بالخيانة!"

اضطرت ذات مرة، للانتقال الى منزلهم الشتوي لمدة اسبوع تاركة لوكاس بمعية زوجها. وما ان مرّ يومان، حتى اتصل بها قائلاً: "لا يكف لوكاس عن المطالبة بك والنقّ طوال الوقت، انه لا يأكل ولا يشرب، عودي بسرعة وإلا خسرناه". في الحقيقة، هي الأخرى لم تكن قادرة على البعد، فلم تصدق أن زوجها قد كلّمها حتى هرولت مسرعة الى المنزل حيث كان ينتظرها لوكاس وكان اللقاء بينهما مؤثراً للغاية حتى انه وبلغته الخاصة جداً، كان يبثها لواعج شوقه ولهفته عليها... ما أغضب الزوج ... فما كان منها الا ان واجهته قائلة: "ولوووه "بتغار من بسين" (هرّ)؟!"

نعم كانت علاقة مميّزة مع هذا المخلوق الرائع الجمال والذي أحبها بصدق إذ كان لا ينام ليلاً الا في مدخل المنزل ليراقب حركة جميع من يمرّ من امامه. لكن عندما تلقت نبأ وفاة والدتها المفاجئ، من أميركا، بكت في سريرها بكاءً مريراً طوال الليل، فما كان من لوكاس الا ان تخلّى عن مكانه الليلي المفضّل، وجلس على وسادتها حيث كان من وقت لآخر يمرّر يده في شعرها ويربت على كتفها مواسياً... حتى الـ"بني آدميين" لم يُشعروها بتعاطفهم معها كما فعل هو!. غريب كيف كان يشعر بفرحها ويحزن لحزنها... تصرفاته كانت أقرب الى سلوكية البشر منها الى الحيوانات، ومن اجل هذا السبب أحبته من كل قلبها وبادلها الحب بصدق.

رأي علم النفس

في هذا المجال تقول المعالجة النفسية استر بو انطون: "أحياناً تصبح العلاقة بين الانسان والحيوان "انسانيّة" لدرجة انّها تشبه العلاقة بين شخصين عاديين. في الواقع، إن الحيوانات هي كسائر المخلوقات تتجاوب مع الإهتمام وتحتاج له، فإذا رأينا هرّاً او كلباً ينتظرنا أو يعطينا من اهتمامه فهذا يدلّ على أنّه يشعر باهتمامنا ويبادلنا بالمثل. وعندها قد تشكّل نوعاً من الغيرة ممّن يحبّوننا ونحبّهم. وهذا أيضاً ما يجب ان يدفعنا للاهتمام بأحبّائنا لأنّهم حتما سيبادلوننا المشاعر ذاتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات