الجواب الثالث هو جواب عمر الخيّام (شاعر فارسي إبيقوري Epicurien):
إن الخوف الدائم والمُرهِق مصدره الأساسي هو التطلّع المبالَغ والمستمرّ نحو المستقبل البعيد والمجهول، فإذاً التركيز على اللحظة الحالية واستغلال كل حسناتها والتخلّص من سيئاتها وعدم التفكير في اللحظات الآتية الخارجة عن سيطرتنا، والمولّدة للقلق والخوف هي الطريقة الوحيدة للتخلّص من الخوف الذي يجعلنا عبيدا لأفراد ومؤسّسات ومجتمعات. بالإضافة الى ذلك فإنّ التركيز على اللحظة الحالية يدفعنا لتوظيف طاقاتنا نحو الإيجابي والأحسن ويسمح لنا تذوّق ولو لمدّة قصيرة طعم الحرية الحقّ. هذا ما يسمّى بالجواب «التجنّبي».
جواب الاشتراكية والشيوعية:
إنّ الفرد ليس وحيداً بل محاطاً بمجتمع يحضنه ويهتم به، وحياة الفرد ليست لنفسه فقط بل لمجتمعه ايضاً فعذاب الفرد محمول اذا ساهم في هناء المجتمع وموت الفرد مقبول اذا كان من اجل خلود المجتمع، فالخوف عندئذ يتفاقم من الفرد الى مجتمعه ويصبح اقل تحديدا وبالتالي اقل وطأة على الفرد. فالشيوعية اذن تحلّ مسألة خوف العذاب وخوف الموت بلحم مصائر عدد كبير من البشر نحو هدف مشترك وملموس هو سعادة المجتمع، وتجعل الفرد يستمد شجاعته من هذا الأخير.
بين الدين والشيوعية قاسم مشترك وهو التوق الى حالة هناء مطلقة إمّا عن طريق الجنة او عن طريق المجتمع المثالي، والبحث عن الكمال غالباً ما يولِّد من جراء استحالته، تعصّب وتطرّف وبما انهما (التعصّب والتطرّف) مضادان لطبيعة الانسان فمع مرور الوقت يتحوّلان الى انحلال وتفكّك وينتهي بهما المطاف، أخيرا بفقدان القدرة الفعلية على تبديد او على الأقل على تخفيف خوف العذاب وخوف الموت. هذا ما يسمّى بالجواب «المرحَلي».
جواب الرأسمالية:
في نظر الرأسمالية أولاً، ليس هناك من مهرب من الموت وثانياً هناك كميات لا متناهية من العذاب والطريق السليم والواقعي، هو تخفيف العذاب قدر المستطاع وإبعاد الموت الى آخر حدود.
وهذان الأمران غير معقولين إلا اذا توافرت الأموال الكافية لإزالة قلق الغد ولمحاربة الأمراض النفسية والجسدية مع اختصاصيّين، وإطالة مدة العمر الجيّد بفضل الأدوية والغذاء السليم وخصوصا المواظبة على الرياضة.
إن كل هذه الأشياء وإيجاد الوقت الضروري لإنجازها ، يتطلّب المال الكافي والوفير و إنتاج هذا الأخير يفرض علينا العمل والنجاح. إضافة الى ذلك، من دون رأس المال لا يمكننا المساهمة الحقة في تخفيف عذابات الآخرين وإبعاد شبح الموت عنهم كما تتليه علينا الأخلاق العالية والمثال الديني الجيّد. هذا ما يسمّى بالجواب «العملي».
جواب الوجوديّين:
إنّ الخوف والقلق حالتان حتميّتان لكنهما يساعدان على العمل ويحثّان على الفعل ، ففي الحياة لا توجد سلوكية عامة تعطي أجوبة مُنزَلة ومبَرمجة لأسئلة الدنيا ونحن كمسؤولين عن حياتنا وحياة الناس المقرّبين منا، علينا ان نجد الجواب الأنسب منطلقين من كل الأجوبة المعقولة والمتوفّرة لدينا، فالخيار والقرار يخلقان حالتي قلق و خوف مستمرَين عند كل منا، إذ انهما مسؤولية كبيرة، لكنهما ضروريّان للفعل والتقدّم، وبالتالي فحالة القلق التي ترافقهما هي ايضاً ضرورية وهذا ما يسمّى بالجواب «النظري».
جواب المُتفلسفين:
إنّ الخوف بمختلف أنواعه حالة من حالات البشر العديدة ليست اكثر او أقل سوءاً من اي حالة أخرى، فلماذا المحاولة لتخفيفها او زيادتها اكثر من غيرها ويمكننا العيش في إطار الخوف كما نعيش الحب والأمل والرجاء والشوق. هذا ما يسمى بالجواب «الفارغ».
الجواب النهائي.
إذا كان لا بدّ من جواب نهائي، مع العلم انه ليس هنالك من جواب نهائي، فيمكن تسمية هذا الأخير بجواب «الباحث. لمحاربة الخوف يجب السعي الدائم والمستمر من دون طرح سؤال «لماذا؟» بل طرح سؤال «كيف؟» لاكتساب القدرة الضرورية لتحقيق مهمّتنا ككائنات ذكية، وهذه المهمة هي الخَلق على أنواعه من اجل انفسنا، عائلاتنا، مجتمعنا، وطننا،... (إنتهى)
•أستاذ وباحث في مكوّنات الإنسان
إن الخوف الدائم والمُرهِق مصدره الأساسي هو التطلّع المبالَغ والمستمرّ نحو المستقبل البعيد والمجهول، فإذاً التركيز على اللحظة الحالية واستغلال كل حسناتها والتخلّص من سيئاتها وعدم التفكير في اللحظات الآتية الخارجة عن سيطرتنا، والمولّدة للقلق والخوف هي الطريقة الوحيدة للتخلّص من الخوف الذي يجعلنا عبيدا لأفراد ومؤسّسات ومجتمعات. بالإضافة الى ذلك فإنّ التركيز على اللحظة الحالية يدفعنا لتوظيف طاقاتنا نحو الإيجابي والأحسن ويسمح لنا تذوّق ولو لمدّة قصيرة طعم الحرية الحقّ. هذا ما يسمّى بالجواب «التجنّبي».
جواب الاشتراكية والشيوعية:
إنّ الفرد ليس وحيداً بل محاطاً بمجتمع يحضنه ويهتم به، وحياة الفرد ليست لنفسه فقط بل لمجتمعه ايضاً فعذاب الفرد محمول اذا ساهم في هناء المجتمع وموت الفرد مقبول اذا كان من اجل خلود المجتمع، فالخوف عندئذ يتفاقم من الفرد الى مجتمعه ويصبح اقل تحديدا وبالتالي اقل وطأة على الفرد. فالشيوعية اذن تحلّ مسألة خوف العذاب وخوف الموت بلحم مصائر عدد كبير من البشر نحو هدف مشترك وملموس هو سعادة المجتمع، وتجعل الفرد يستمد شجاعته من هذا الأخير.
بين الدين والشيوعية قاسم مشترك وهو التوق الى حالة هناء مطلقة إمّا عن طريق الجنة او عن طريق المجتمع المثالي، والبحث عن الكمال غالباً ما يولِّد من جراء استحالته، تعصّب وتطرّف وبما انهما (التعصّب والتطرّف) مضادان لطبيعة الانسان فمع مرور الوقت يتحوّلان الى انحلال وتفكّك وينتهي بهما المطاف، أخيرا بفقدان القدرة الفعلية على تبديد او على الأقل على تخفيف خوف العذاب وخوف الموت. هذا ما يسمّى بالجواب «المرحَلي».
جواب الرأسمالية:
في نظر الرأسمالية أولاً، ليس هناك من مهرب من الموت وثانياً هناك كميات لا متناهية من العذاب والطريق السليم والواقعي، هو تخفيف العذاب قدر المستطاع وإبعاد الموت الى آخر حدود.
وهذان الأمران غير معقولين إلا اذا توافرت الأموال الكافية لإزالة قلق الغد ولمحاربة الأمراض النفسية والجسدية مع اختصاصيّين، وإطالة مدة العمر الجيّد بفضل الأدوية والغذاء السليم وخصوصا المواظبة على الرياضة.
إن كل هذه الأشياء وإيجاد الوقت الضروري لإنجازها ، يتطلّب المال الكافي والوفير و إنتاج هذا الأخير يفرض علينا العمل والنجاح. إضافة الى ذلك، من دون رأس المال لا يمكننا المساهمة الحقة في تخفيف عذابات الآخرين وإبعاد شبح الموت عنهم كما تتليه علينا الأخلاق العالية والمثال الديني الجيّد. هذا ما يسمّى بالجواب «العملي».
جواب الوجوديّين:
إنّ الخوف والقلق حالتان حتميّتان لكنهما يساعدان على العمل ويحثّان على الفعل ، ففي الحياة لا توجد سلوكية عامة تعطي أجوبة مُنزَلة ومبَرمجة لأسئلة الدنيا ونحن كمسؤولين عن حياتنا وحياة الناس المقرّبين منا، علينا ان نجد الجواب الأنسب منطلقين من كل الأجوبة المعقولة والمتوفّرة لدينا، فالخيار والقرار يخلقان حالتي قلق و خوف مستمرَين عند كل منا، إذ انهما مسؤولية كبيرة، لكنهما ضروريّان للفعل والتقدّم، وبالتالي فحالة القلق التي ترافقهما هي ايضاً ضرورية وهذا ما يسمّى بالجواب «النظري».
جواب المُتفلسفين:
إنّ الخوف بمختلف أنواعه حالة من حالات البشر العديدة ليست اكثر او أقل سوءاً من اي حالة أخرى، فلماذا المحاولة لتخفيفها او زيادتها اكثر من غيرها ويمكننا العيش في إطار الخوف كما نعيش الحب والأمل والرجاء والشوق. هذا ما يسمى بالجواب «الفارغ».
الجواب النهائي.
إذا كان لا بدّ من جواب نهائي، مع العلم انه ليس هنالك من جواب نهائي، فيمكن تسمية هذا الأخير بجواب «الباحث. لمحاربة الخوف يجب السعي الدائم والمستمر من دون طرح سؤال «لماذا؟» بل طرح سؤال «كيف؟» لاكتساب القدرة الضرورية لتحقيق مهمّتنا ككائنات ذكية، وهذه المهمة هي الخَلق على أنواعه من اجل انفسنا، عائلاتنا، مجتمعنا، وطننا،... (إنتهى)
•أستاذ وباحث في مكوّنات الإنسان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق