"" هكذا خنتُ زوجي! ""

في بلدة نائية «حضارياً»، لكنها لا تبعد كثيراً عن بيروت، نشأت ريهام في عائلة مؤلفة من أبوين جاهلين و 7 ابناء ذكور، خمسة يكبرونها واثنان يصغرونها، هي الابنة الوحيدة، ومع ذلك قال لها والدها عندما سألته ذات يوم: «بابا ما كانت ردة فعلك عندما ولدتُ؟» أجابها بجدّية وحرقة قلب: «يا ليتهم قالوا لي يومها رزقتَ بـ«حيّة» ولم يتفوّهوا بعبارة «إجاك بنت»!

«كانت تظن انه سيقول لها انت زهرة هذه العائلة، انت العصفورة التي تضفي تغريدة الحنان على حياتي… لأنها كانت تهتم به، وتعتني بثيابه وتمسح أحذيته، وتؤمّن له المأكولات التي لا تؤذي صحته… فيما والدتها تدير شؤون الأسرة وتهتم بذكورها الحاملين اسم العائلة. أمّا ريهام «فيا ليتها» لم تولد، البنت هَمّ للممات… عبارات لطالما تناهت الى مسامعها وهي تمسح المنزل او تكوي «كدسات» القمصان و»الجينزات» التي لا تنتهي وذلك أثناء العطل المدرسية.

حياة شقاء، ذكور العائلة يحصون أنفاسها ووالدة تخنق فيها كلّ حسّ بالأنوثة في داخلها… لكن إلى متى؟"شو يلي بتخون زوجها بطّلت تكون آدمية؟" عبارة تفوّهت بها عندما طُرح، في احدى الصبحيات الخيرية التي شاركت فيها، موضوع الخيانة الزوجية، مستهجنة قول احدى السيدات التي انتقدت في شدّة من يرتكبن فعل الزنا.

هكذا فتحت قلبها متنهدة، ثم استرسلت قائلة: "ألوم أمي على زواجي... انا فتاة وحيدة وبالكاد كنت قد بلغت الثامنة عشرة من عمري حتى تخلّصَتْ مني، إذ وافقت على اول عريس طلب يدي! لم استطع حتى الحصول على البكالوريا. لم اكن افهم ما هو الزواج وما هو الحب. كنت أظنّ أنني لمجرد ضحكتُ لنكتة اخبرها العريس، بتُّ مغرمة به!!

كيف رَمَت بي هكذا، يكبرني بـ16 عاماً، لا يملك سوى الراتب الذي يقبضه آخر الشهر حتى المنزل الذي سكنّا فيه قديم لم يبدّل أثاثه... انا العروس، نمت في ليلة زفافي على سرير وشراشف والدته المتوفاة. في تلك الفترة من الزمن، لم اكن لأعي ماذا يحصل معي. كنت اظن ان الحياة هي هكذا. في ليلة زفافي، "كهرب" جسدي حين لمسني زوجي، ووددت لو استطيع العودة الى منزلنا، لكن امي كانت قد أفهمتني انه يجب أن أرضخ لإرادة زوجي وألّا أعانده. لم تشرح لي مثلاً ان المرأة تشعر باللذة أيضاً وأن هناك ما يسمّى بالنشوة الجنسية، كما لم تقل لي إنّ فضَّ البكارة شيء مؤلم للغاية ولقد عانيت الأهوال في ليلة زفافي، وما أزال أعيش ذيولها.



رزقنا ثلاثة أولاد، كنت ليلياً اخضع لرغبات زوجي، ولا اذكر من تلك الليالي التي جمعتنا في سرير واحد سوى الألم، نعم الألم هو المرادف للاتصال الجنسي معه. وكنت أظنّ أنّ جميع الزوجات يتألمن مثلي وان الحياة هي هكذا. وعلى الرغم من كل ذلك، كنت اعتقد أنني أحبّ زوجي كوني لم أكرهه فهو دمث الخلق، يحبني وان كان يجهل كيف يعبّر إذ "حيوانيّته" في المخدع الزوجي تطغى على إنسانيته، وفضلاً عن ذلك كان يساعدني في أعمال المنزل وحين أمرض كان يلازم فراشي حتى أشفى.



عندما كبر الأولاد والتحقوا بالمدارس، طلب أخي الأكبر مني مساعدته في ادارة محل للملابس الرجالية، افتتحه بالقرب من منزلي. وهناك، في المحل، انبلج صبح جديد في حياتي، هناك بدأتُ أخرج من "غياهب الحفرة" التي دفنتني فيها أمي... هناك اكتشفتُ انني امرأة جميلة إذ جميع الرجال الذين كانوا يتردّدون على المحل في غياب أخي، راودوني عن نفسي... وهناك رنّم قلبي مزامير الحبّ الأولى ... هناك شعرتُ بأحاسيس لم اكن أفهمها، فكلما دخل حُسام الى المحل كان كياني ينتفض بقوة، وتجتاحني قشعريرة تهتز لها جوارحي وتروح الإنقباضات في القسم الأسفل من جسدي، تأرجحني في جنّة تتدفق فيها شلالات حريرية، تنساب سلماً وبرداً الى أعماق روحي... وكلما تلاقت عيوننا، كانت براكين الشوق والهيام تتفجّر في صدري... مشاعر لذيذة تقطع انفاسي... لم اعِشها قط من قبل.



لم اكن أعلم انه الحب الى ان دخل ذات يوم، حُسام الى المحل مستغيباً أخي في ساعة مبكرة من الصباح إذ كان ايضاً متأكداً من عدم وجود الزبائن، فتقدّم مني بخطوات ثابتة وقال لي: "أحبّكِ" ثم دفعني نحو غرفة تبديل الملابس مردّداً لأكثر من مرة اسمي بصوت منخفض مليء بالإثارة والرغبة والشهوة ومن وقت لآخر كان يردف قائلاً "لا استطيع العيش من دونكِ، أفكر فيك دوماً، صورتك لا تفارق خيالي" ثم قبّلني من دون اي مقاومة مني... فأنا كنت انتظر تلك اللحظة، وكنت مستسلمة له كلياً، لم اكن قادرة على مقاومة سحره وجاذبيته ورجولته، معه أحسست بأنّ كلّ ذرّة من جسدي تنادي باسمه.



عندما كان زوجي مثلاً يقبّلني او يلمس اي مكان في جسدي، كنت كلوح جليدي، ما من ردة فعل ايجابية وكنت اتمنى في قرارة نفسي ان يتوقف عن تعذيبي و"زرزعتي". أمّا مع حسامُ فكان جسدي يترنّح سعادة وينبض فرحاً في اي مكان كان يتحسّسه ويلمسه ويقبّله... ولو لم يدخل احد الزبائن واضطراري لاستقباله فيما حُسام لزم غرفة تبديل الملابس، لا ادري ماذا كان يمكن ان يحصل بيننا... إلّا أنني خرجت من هذه "المعركة" الممتعة بأضرار عدّة، منها تخدير عام في جسدي، ورم ضارب الى زرقة في شفتي السفلى فضلاً عن بقعة زرقاء وحمراء على العنق وأخرى على الصدر... العنق والصدر أتدبّر أمرهما وأخفيهما بالملابس... لكن كيف أخفي ورم شفتي... مصيبة! ماذا أقول لزوجي وأخي؟؟

في الحال، وضعت منديلاً حريرياً حول عنقي، وارتديت ملابس بنية اللون، ونسّقت معها احمر شفاه داكن لتمويه الضرر الذي ألمّ بشفتي. مرّ يومان، خرج زوجي واولادي للتو من المنزل وقبل أن اخلع ملابس النوم، قرع الباب ظننت أنّ زوجي أو احد الأولاد نسي شيئاً ما فعاد ليأخذه، لذا هرولت من دون أن أجد الوقت الكافي لأرتدي "الروب" وفتحت الباب وإذ بحسام! بكلّ ما وهبَتْه الطبيعة من رجولة وجاذبية وأناقة ووسامة يقف "كإله جاهز للعبادة" أمامي فيما أنا بثوب نوم شفاف



... شخصان متيّمان في منزل هادئ، لا وجود لمن يعكر صفو خلوتهما... ماذا يمكنهما أن يفعلا؟!! دخل حسام وأوصد الباب بإحكام قائلاً: "لن تفلتي من قبضتي هذه المرة" مزّق ثوبي ونزع ملابسي وافترشنا الأرض وراح يزرع جسدي بقبلاته وفي المكان الذي تلتصق به شفتاه، كنت اشعر بلهيب ممتع أتمنى ألا ينطفئ... ولأول مرّة في حياتيِ شعرت بما لم اشعر به من قبل... ثم راح يمارس الحبّ معي مردّداً "أحبك" ولم اكن اشعر بالألم الذي كان يسبّبه زوجي لي بل بلذة لا توصف... عندما انتهى، أشعل سيجارة وراح ينفخها بهدوء مركّزاً نظره على تفاصيل جسدي وما أن وصل الى منتصفها حتى أطفأها وعاد لممارسة الحب مرّة ثانية كانت أقوى من الأولى وأطول... مارسنا الحب ثلاث مرات... وانتشيت ثلاث مرات مشبّعة بالحب والعواطف الجيّاشة... الأمر الذي أذهلني، أنا التي لم اكن أتحمّل التصاق زوجي بي لأكثر من ثوانٍ قليلة... كيف أتقبّل رجولة حُسام وأتفاعل معها بهذا القدر من الاشتهاء والتلذّذ...

بعد رحيل حُسام غمرتني حالة من الذهول... لم أعد ادري الصحّ من الخطأ... لم أشعر أنني قد خنت في تلك اللحظة زوجي، ولم أندم على ما اقترفته من إثم، لأنني انسانة مظلومة، فلقد مرّت عشر سنوات على زواجي ذقت خلالها آلاماً مبرحة أثناء قيامي بواجباتي الزوجية، ومن حقي أن أعيش أنوثتي مع من أيقظ هذه الأنوثة لا مع من وَأَدَها في مهدها... من الآن وصاعداً سأعيش حياتي وسأمارس الحب مع من يختاره قلبي وتهواه روحي!!"

عاشت على هذا المنوال سنين مع حُسام، لكنها لم تكن كلها عسلاً، تخلّلها بُعد وإهمال وهجران ورعب من افتضاح أمرهما. وكان حُسام، كونه متزوّجاً وأباً، يغيب أحياناً شهوراً طويلة من دون أن يتصل بها وهي تتحرّق شوقاً إليه، تتصل به ولا يردّ عليها. كانت نار جهنم أهون عليها من الشعور بالهجر والتخلّي وعدم الاكتراث. حتى أنها لفرط اشتياقها إليه، تنتظره امام المبنى الذي يعمل فيه، لساعات وساعات وكان عندما يلمحها من بعيد يقفل عائداً الى مكتبه ولم تكن تفهم لمَ يتصرف هكذا... جرحَ حسام كرامتها مراراً وتكراراً، وكلّما كان جرحُها في طريقه للالتئام، ينبري لها من جديد، يمارسان الحب كما لم يمارساه من قبل ثم يختفي شهراً، شهرين ... ولفرط العذاب الذي كابدته من إهمال حُسام قررت ان تقيم علاقة جديدة مع شخص آخر متيّم بها علّه ينسيها حُسام واستهتاره بها! عرفت مع رياض معنى آخر للحبّ... الحبّ المبني على المتعة الجسدية الصرفة... فالرقم "اثنين"، كان أكثر خبرة بالأمور الجنسية وأعمق ثقافةً وأنضج كونه أكبر سناً وأيسر حالاً كما كان على اطلاع بما يسمى "نقطة ج"

لم يكن رياض أنصف من حُسام ولا أفضل منه، وعانت معه الأمرّين أيضاً، إذ كانت تتأرجح الى قمة السعادة حين تكون معه والى أدنى دركات التعاسة حين يهملها. وكم كانت تشعر بالذلّ والضيق حين كانت تنتظره ليلاً على الطرقات وتحت المطر ووسط العواصف والزمهرير... إذ لم تكن تملك سيارة فيضرب لها موعداً الساعة السابعة ولا يصل قبل التاسعة... وكل هذا لماذا؟ من اجل لحظات مسروقة من الحب الممنوع! ومن علاقة فاشلة الى علاقة افشل، أدركت أخيراً أنّ من تسعى الى البحث عن السعادة خارج كنف زوجها ومنزلها لن تلقى سوى الذلّ والتعاسة وأقرّت أنّها قبل اقترافها لفعل الخيانة كانت امرأة مظلومة وبعد الخيانة غدت امرأة مُحطّمة، مظلومة ويائسة...

رأي علم النفس

تعلّق المعالجة النفسية استر بو انطون على الحالة هذه، قائلة: إنّ المشكلة في هذا التصرّف هو أنّ هذه المرأة قامت باختيارات "فاشلة" لأكثر من مرّة لأنّها لم تكن في حالة تسمح لها بالتفكير في طريقة سليمة لحلّ مشكلتها الأولى (أي مع زوجها). وقامت باختيارات عشوائيّة بهدف الحصول على الأفضل ولكنها لم تلقَ إلّا الأسوأ. إنّ البحث عن الحبّ والاهتمام هو أمر طبيعي وحاجة ضروريّة لكل امرأة، ولكن من الصعب جدا أن تجده في العلاقات السهلة أو التي يكون الهدف منها الانتقام من رجل آخر. وقد يؤدي بها هذا الى الوقوع في دوّامة صعب الخروج منها، وخاصّة اذا كانت ذات شخصيّة مضطربة او لديها استعداد لأن تتصرف بشكل مرضيّ وبشكل متكرّر. لذلك، ننصح كلّ امرأة بحاجة إلى الحبّ والإخلاص أن تبدأ بالبحث عنه ضمن العلاقة الزوجية، وان تحاول حلّ مشاكلها بطريقة واعية وعقلانيّة. ومن المستحسن ان تضع بعض الجهد لتنظيم حياتها مع شريكها ولحل المشاكل والصعوبات العلائقية بينهما بدلاً من ان تسعى الى علاقات سهلة وسطحيّة نتائجها معروفة سلفاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات