- نبيه البرجي -
الشيخ الدمث و الوسيم خالد عبد الفتاح اتهمني في عقر داره (مجدل عنجر) بالمس بالذات الالهية لانني اتحدث، في مقالاتي، عن الله بطريقة معينة، وكذلك استخدم تعبير «الآلهة». ولا ادري ما اذا كان عليّ ان اغفل عتب بعض القبائل في العراق على الله بالقول «متعجب خالق له بعيرة» لان الانكليز قصفوها بالطائرات، او ان اتجنب الكلام عن سنفونية ريتشارد فاغز «غروب الآلهة».
وقد يكون عليّ ان الغي من اصابعي آلهة الاغريق، وسائر الميتولوجيات الاخرى، فضلاً عن آلهة العصر في السوق والتكنولوجيا والذين طالما حولوا اجزاء من الكرة الارضية الى جهنم. ويعلم الشيخ خالد، وهو المثقف، انهم مازالوا حتى الآن يمشون بخيلاء فوق جثثنا حتى ولو كانت الجثث التي لا تزال تحتفظ، بطريقة او بأخرى، ببقايا الروح..
الذي اذهلني هو الربط غير المباشر للشيخ خالد بين رجب طيب اردوغان و خالد بن الوليد حين دعاه، خلال مهرجان بلدة العمرية يوم الاحد في البقاع والذي كان نجمه الساطع الشيخ احمد الاسير، بالقول «يا حاكم اسطنبول ادخل فاتحاً، وغازياً، الى دمشق».
اجل، اذهلتني هذه «اللحظة العثمانية» في عقل الشيخ خالد، فهل لرئيس الوزراء التركي يدا خالد بن الوليد وسيف خالد بن الوليد؟ وهل دمشق العزيزة على قلبه، مثلما هي عزيزة على قلوب كل العرب، مباحة امام اي غاز عثماني آخر، وهو الذي يدرك ان دمشق الآن، بالرغم من كل الاهوال التي لا بد ان تكون آنية بظلم ذوي القربى، ليست القسطنطينية التي تحدث اردوغان، وبتلك الغطرسة، عن ثقافتها السوداء قبل ان يغزوها السلطان محمد الفاتح، فاعترض المطران الجليل جورج خضر..
مرة ثانية، دمشق التي لا يزال فيها الجامع الاموي ومقام محيي الدين بن عربي وضريح صلاح الدين، لا يمكن ان تتعامل مع رجب طيب اردوغان اذا اراد غزوها الا كما تعاملت مع الجنرال هنري غورو الآتي مزهواً من معركة المارن ليفاجأ بدمشقي هو يوسف العظمة يواجهه بالصدر العاري (والعالي)، ويسقط لتبقى دمشق لؤلؤة العرب...
ونسأل كيف يكون اردوغان خالد بن الوليد، او حتى ظلال خالد بن الوليد حين يطلب من البنتاغون المشرّع امام الاسرائيليين، بل وامام كل قتلة العرب وثروات، وثورات، العرب، اقامة منشآت الدرع الصاروخية فوق ارضه. لماذا؟ وضد من؟
وهل رأينا رجب طيب اردوغان الذي نحن مثل الشيخ خالد تفاءلنا بظهوره يعلن انسحاب بلاده من حلف شمال الاطلسي بعدما تربع على عرش بني عثمان مادام الاتحاد السوفياتي قد زال، وما دامت تركيا قد اصبحت القوة الاعظم في المنطقة بالمنطق العسكري كما بالمنطق الاقتصادي...
حتماً، لن نقبل ان تطأ ارض دمشق قدم اطلسية، وحيث الاسلام ليس سوى قناع، وقناع فولكلوري في الكثير من الاحيان، لرغبات جيوبوليتيكية، وجيوستراتيجية، لا تزال تلعب داخل اللاوعي الامبراطوري إياه..
الشيخ خالد عبد الفتاح، وقد اصبحنا اصدقاء، ومرة اخرى بالنظر لدماثته، اقرب الى دمشق التي نحن على ثقة بأنه يحبها، وبأنه يعشق حواريها، وبأن ماء بردى يمتزج بدمه كما بلغته. اقرب اليها من اي وال عثماني يحمل على ظهره الدرع الاميركية، وقاعدة انجيرليك الاميركية، فضلا عن الصفقات التي لا حصر لها( ورغم ديبلوماسية الاقنعة) مع...اورشليم!
الرجل ينتمي الى بلدة لا تزال صورة جمال عبد الناصر البهية في قلب كل واحد من ابنائها. عبد الناصر الذي نعرف من حطمه وكيف تحطم، ودون ان نعلم بماذا يختلف داود اوغلو مثلاً، على مستوى التفكير الاستراتيجي الذي يتعالى على العرب، ويزدري العرب، ويحلم بالعودة ثانية الى ارض العرب،عن عدنان مندريس، ولا بماذا يختلف عبد الله غول عن جلال بايار. كيف يقبل ان يدخل السلطان العثماني إياه الى دمشق، وهو الذي كغيره من القوى الاقليمية يستخدم الاسلام عباءة لاستنزاف ما تبقى من ثروات، وثورات، العرب...
نسأله ايضاً: متى اختفى مصاصو الدم العربي، وسواء كانوا على تخومنا ام كانوا في اقاصي الدنيا، عن المشهد؟ ومن حوّلنا هكذا الى هياكل عظمية عارية، وضائعة بين العار و... العراء؟
لم يقل الشيخ احمد الاسير في مهرجان التضامن مع الشعب السوري ما قاله الشيخ خالد عبد الفتاح. وكلنا نتضامن مع الشعب السوري ضد ثقافة الصدأ، وهي الوجه الاخر لثقافة الدم.
لكننا نقول «اهلاً بالشيخ احمد في البقاع»، المهمل حتى «سلفياً»، لاننا لا نعتقد ان الشاب الصيداوي يريد تحويل المنطقة الى تورابورا، بعدما جعلها الاهمال، اهمال الدولة، شيئاً من هذا القبيل، كما لا نعتقد ان «الشيخ احمد» يطرح نفسه بديلاً من «الشيخ سعد»، ودون ان نستبعد تكريسه زعيماً للسلفية في لبنان...
زعيماً لا يدعو حاكم اسطنبول للدخول، فاتحاً او غازياً، الى دمشق. هذه دمشق يا صديقنا الشيخ خالد!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق