تفاعلت محاولة اغتيال رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، وقفز معها الملفّ الأمني إلى واجهة الاهتمامات. وفيما عكست المواقف الدولية خطورة الأمر وأبعاده في هذه اللحظة الإقليمية الحرجة التي تمرّ بها البلاد والمنطقة، انشغلت «لجنة البواخر» في تصفية عروض الشركات في شأن «بواخر الكهرباء» فاختارت العرض التركيّ وقسّمت «الجبنة» على بعض كبار القوم والأقارب والأصهار والأصدقاء والوسطاء.
ودانت الخارجية الأميركيّة بـ"أشدّ العبارات" محاولة الاغتيال، ودعت
الحكومة اللبنانية إلى "إجراء تحقيقات شاملة لكشف الجهة التي تقف وراء
المحاولة، وتوفير الحماية للشخصيّات والقوى التي قد تكون مهدّدة بحياتها في
هذه الفترة".
ونقلت السفيرة مورا كونيللي إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان قلق بلادها العميق "حول تقارير عن وقوع محاولة اغتيال لقيادي سياسي لبناني"، مشيرة الى أنّ "احتضان لبنان للمحكمة الخاصة بلبنان ودعمها يدلّ على رفضه القاطع هذا النوع من الممارسات".
ودانت فرنسا محاولة إغتيال جعجع، داعية السلطات اللبنانية "الى التحقيق في هذا العمل الارهابي"، كذلك دعت "جميع الزعماء السياسيّين اللبنانيّين الى إظهار التضامن وإدانة الهجوم بشدّة وحماية لبنان من كلّ المحاولات لزعزعة استقراره، أيّاً كان مصدرها".
بدورها اعتبرت الأمم المتحدة بلسان ممثلها الشخصي في لبنان ديريك بلامبلي أنّ "هذا الحادث يشير الى ضرورة التنبّه الى الأوضاع الامنية".
تشكيك "حزب الله" و"التكتّل"
واتّصل النائب البطريركي العام المطران بولس صياح بجعجع مستنكراً باسم البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، كذلك اتّصل رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، فيما اكتفى "حزب الله" والنائب عبّاس الهاشم بالتشكيك، وخرق صمت تكتّل "التغيير والإصلاح" اتّصال أجراه عضو التكتّل النائب يوسف خليل.
وأوضح خليل لـ"الجمهورية" أنّ اتّصاله بجعجع كان بمبادرة شخصيّة منه وليس باسم "التكتّل"، مشيراً إلى أنّ "صداقة قديمة تجمعني بجعجع منذ ايّام الجامعة، وسمعت بالحادثة، وأحببت ان استنكر وأبدي اعتراضي ومشاعري حيال ما حصل، وخطوتي شخصيّة، وكلّ نائب مسؤول عن نفسه".
ونفى خليل ان يكون قد تلقّى أيّ عتب من الرابية قائلاً: "كلّ شخص لديه أفكار مختلفة وهو من يقرّر، وحدود العلاقة بين رئيس التكتّل النائب ميشال عون وجعجع تخصّ الإثنين، لكن لم تحصل أيّ قطيعة بين نوّاب "التكتّل" و"القوات"، وأكرّر أنّي شخصيّا تجمعني صداقة بجعجع وهي مستمرّة، لذا لا يمكن ما جرى أن يمرّ من دون أن استنكر، لكنّ موقفي غير مرتبط بأيّ موقف آخر ولا يلزم الآخرين".
وهل فوجئ جعجع بالاتّصال؟ أجاب خليل: "كلّا، لقد اعتبر الموضوع عاديّاً"، نافياً أن يكون قد حمّله أيّ رسالة معينة لرئيس تكتّل "التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون، وقال: "في الواقع لا رسائل، وكان الاتّصال للاطمئنان والاستنكار".
كلام جعجع
في غضون ذلك، أعلن جعجع انّه: تمّ تحديد النقطة التي أطلقت الرصاصات منها"، رافضاً أن يكون قد تسرّع في توجيه الاتّهام، مكرّراً أنّ "الفريق الذي قام بهذا الأمر يبدو أنّه مستعدّ وحضّره بفترة تراوح بين أربعة إلى ستّة أشهر". وكشف مستشاره العميد المتقاعد وهبي قاطيشا "أنّ الرصاصتين كانتا على بعد سنتمتريْن من رأسه عندما انحنى".
وإلى ذلك، واصلت الأجهزة الأمنية تحقيقاتها في الحادث بإشراف القضاء الذي أصدر أمس استنابات للتحقيق في بعض المجالات وإعداد تقرير مفصّل عن "داتا" الإتّصالات في المنطقة، بالإضافة الى احتمال ان يكون الجناة قد استخدموا طريقاً راقبوها قبيل العملية، ما سهّل فرارهم سريعاً من دون أن تتمكّن القوى الأمنية، التي استكشفت المنطقة بعد نصف ساعة، من القبض عليهم.
وقال وزير الداخلية مروان شربل لـ"الجمهورية": "إنّ هناك معطيات جدّية وأدلّة وإثبابتات على العملية" داعياً إلى انتظار نتائج التحقيق.
وقالت مراجع امنية لـ "الجمهورية" إنّ البحث في تلّة معراب الغربية التي تطلّ على جوانب من منشآت مقرّ "القوات اللبنانية" أدّى الى العثور على مكان نصب البندقية القنّاصة، حيث بدت آثار "عبث بيد بشريّة" ببعض الأحجار التي تمّت تغطيتها بأغصان خضراء في منطقة حرجيّة كثيفة. وقد تمّ من هذه النقطة تحديد خطّ النار في اتّجاه الهدف وآثار الرصاصتين في معراب، وتبيّن أنّ المسافة تبلغ 965 متراً بقياس الجهاز الذي يستخدم في مثل هذه الحالات.
وأشارت المراجع الى أنّه لم يُعثَر في هذا المكان على مظروفي الرصاصتين، مؤكّدة أنّها تتابع التحقيق على أن يتمّ كشف المعطيات التي توافرت ويمكن أن تقود الى معرفة الجهة المنفّذة.
صفقة الكهرباء
وبعيداً من الشأن الأمني، انتهى "اليوم الكهربائي" في السراي الحكومي الى تقسيم "الجبنة" المتأتّية من استئجار البواخر لتوليد الطاقة الكهربائية على جميع المعنيّين، وهذه «الجبنة» تتراوح المعلومات عن قيمتها، فبعض المتابعين يقدّرها بما يربو على 60 مليون دولار، وبعض آخر يقدّرها بما يتجاوز المئة مليون دولار ستوزّع بـ" العدل والقسطاس" على بعض كبار القوم وأقربائهم وأصهارهم والأصدقاء والوسطاء.
وقد تجسّد هذا "اليوم الكهربائي المنتج" باجتماع اللجنة الوزارية المكلّفة درس عروض الشركات لاستئجار البواخر برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي كان التقى رئيس الجمهورية ميشال سليمان في بعبدا صباحاً.
وقد توصّلت اللجنة الى اتّفاق كرّس مفهوم تقاسم "جبنة العمولات" بين بعض الشركاء في الحكومة على الرغم من النجاح في تخفيض العروض، فكانت الشركة التركيّة صاحبة الحظوة والحظّ، إذ بعد ستّ ساعات من التفاوض وافقت "لجنة البواخر" على عرضها، مستبعدة عرض الشركة الأميركية الذي لم تطّلع عليه، من دون معرفة الأسباب.
مدير الشركة الأميركية
واستغرب المدير العام المسؤول في شركة Weller marine الاميركية رودولف إلياس طريقة التعاطي مع وفد الشركة التي تمّ استبعادها حتى قبل أن تقدّم عرضها النهائي بعد التفاوض. وكشف لـ"الجمهورية" أنّ اجتماع وفد الشركة مع اللجنة الوزارية دام نصف ساعة قبل أن يطلب منهم ميقاتي الانتقال الى قاعة جانبية لمراجعة حساباتهم قبل تقديم العرض النهائي بعدما تمّ الاتّفاق على تقديم عرض لباخرة واحدة تؤمّن 180 ميغاوات ولمدّة 3 سنوات، على أن يتضمّن العرض التشغيل والاستهلاك فقط، لأنّ ميقاتي تعهّد أمام الوفد بتأمين التمويل، فيما تعهّد وزير المال محمد الصفدي تأمين Insurance بكلفة منخفضة. لكنّ الوفد فوجئ بعد انتظار لأكثر من ثلاث ساعات أنّ اللجنة الوزارية أنهت عملها وخرجت من دون إبلاغه ما توصّلت إليه في العرض الجديد أو حتى تعتذر، وتبلّغ الوفد من أمن السراي الحكومي أنّ الاجتماع قد انتهى.
واعتبرت الشركة "أنّ ما حصل هو صفقة مُتّفق عليها مسبقاً، وأنّ المفاوضات معها لم تكن سوى للتمويه"، معتبرةً "أنّ التصرّف مع الوفد كان غير لائق، علماً أنّ عرضها الجديد كان يتضمّن قيمة 5،6 سنت للكيلو وات ساعة وهو عرض مُغرٍ جدّاً".
باسيل لـ"الجمهورية"
في المقابل استفسرت "الجمهورية" من باسيل حقيقة الأمر، فنفى أن تكون اللجنة قد تصرّفت مع الشركة الأميركية على هذا النحو، مؤكّداً أنّه غادر وميقاتي أكثر من مرّة قاعة اجتماع اللجنة الى حيث كان الوفد الأميركي ينتظر "وسألناه اكثر من مرّة أيضا عن السعر ولم يكن هناك من تجاوب، خصوصاً بعد إصرارنا على تخفيض الأسعار، لكنّ الوفد حاول المماطلة والتهرّب من إعطاء جواب نهائيّ ومحدّد، وكان يتذرّع في كلّ مرّة بـ"خبرية" .
وأكّد باسيل "أنّ اللجنة اختارت أفضل شركة وأفضل عرض، وهي تُعدّ الرقم واحد في النوعية التي يحتاجها لبنان كما في الكلفة التي تلائمه".
واستغرب باسيل ما تحدّثت عنه الشركة الأميركيّة، قائلاً: "مِش كلّ ما تخسر شركة بدها تقوم قيامتها علينا"، وأضاف: "عرض الشركة التركيّة كان جيّداً جدّاً، وهي قدّمت أفضل عرض لها في العالم، وقد حقّق لبنان وفراً بحدود 8 ملايين دولار تقريباً سنويّا".
وكشف باسيل "أنّ الباخرة التركية الأولى ستصل بين شهري حزيران وتمّوز، وهي مجهّزة لتأمين الطاقة مباشرة بحدود 180 ميغاوات، أمّا الباخرة الثانية فسيتحدّد مصيرها لاحقاً حسب نوعية العقود والسرعة في إنجازها". وتمنّى "أن يوافق مجلس الوزراء سريعاً على القرار الذي سترفعه اللجنة إليه في الجلسة المقبلة لكي يبدأ التنفيذ".
"بطولة وإنجازات"
على أنّ أوساط السراي الحكومي روّجت بعد الاجتماع لـ"بطولة" اللجنة و"إنجازاتها" في تخفيض الأسعار "لمصلحة خزينة الدولة"، وقالت مراجع معنية إنّ الاجتماع الذي دام خمس وساعات وربع الساعة تمّت تجزئته الى ثلاث مراحل، الأولى بدأت فيها المفاوضات بين رئيس الحكومة وأعضاء اللجنة والشركتين الأميركية والتركية على مدى ساعة ونصف الساعة انتهت الى تخفيض مزدوج للشركتين. وفي المرحلة الثانية واصل ميقاتي وأعضاء اللجنة ضغوطهم لتحقيق مزيد من التخفيض في الاسعار، فأصرّت الشركة الأميركية بعد نصف ساعة من المفاوضات معها على أسعارها من دون أيّ تعديل يُذكَر. وفي الموازاة أبدت الشركة التركيّة مرونة أكبر فخفّضت أسعارها 9 % مرّة أُخرى عن السعر النهائي الذي حدّدته سابقاً فتقرّر الأخذ بعرضها وتكليفها تجهيز باخرتين توفران 270 ميغاوات.
وتعهّدت بتقديم أولاهما بعد ثلاثة أشهر.
أمّا المرحلة الثالثة من المفاوضات فتركّزت على تحسين شروط العقد، فتمّ استعراض الشروط الأوّلية وفق جدول مقارنة بما قبلت به الشركتان وما يمكن تسويته في المرحلة النهائية.
الخوري لـ"الجمهورية"
وعلى المستوى البيئيّ أوضح وزير البيئة ناظم الخوري الى "الجمهورية": "لقد حقّقنا شروطاً صارمة ومهمّة، ومنها الالتزام بما سبق لي أن حدّدته عندما خاطبت مجلس الوزراء بالحدّ الأدنى من الشروط البيئية التي يمكن تنفيذها في رسالتين الأولى بتاريخ 3 آذار الماضي والثانية في 28 منه، وقد تمّ الأخذ بها". وأضاف: "لقد توصّلنا الى إجراءات تضمن حقوق لبنان في حال حصول أيّ تسرّب نفطيّ الى البحر، وقبلت الشركة طلبنا رفع مداخن الباخرة 20 متراً إضافيّا عمّا كان مقرّراً في الأوراق السابقة، وهو أمر يجعلها على مستوى الأثر البيئي أفضل بكثير من مداخن معمل الذوق".
وفي نهاية الاجتماع تمّ التوافق على إعطاء اللجنة التقنية مهلة تنتهي في 20 نيسان الجاري موعد انعقاد مجلس الوزراء لتقديم العقود في صيغتها النهائية، مرفقة بتقرير مفصّل عن نتائج المفاوضات لكي يتّخذ المجلس القرار النهائي في شأنها.
ونقلت السفيرة مورا كونيللي إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان قلق بلادها العميق "حول تقارير عن وقوع محاولة اغتيال لقيادي سياسي لبناني"، مشيرة الى أنّ "احتضان لبنان للمحكمة الخاصة بلبنان ودعمها يدلّ على رفضه القاطع هذا النوع من الممارسات".
ودانت فرنسا محاولة إغتيال جعجع، داعية السلطات اللبنانية "الى التحقيق في هذا العمل الارهابي"، كذلك دعت "جميع الزعماء السياسيّين اللبنانيّين الى إظهار التضامن وإدانة الهجوم بشدّة وحماية لبنان من كلّ المحاولات لزعزعة استقراره، أيّاً كان مصدرها".
بدورها اعتبرت الأمم المتحدة بلسان ممثلها الشخصي في لبنان ديريك بلامبلي أنّ "هذا الحادث يشير الى ضرورة التنبّه الى الأوضاع الامنية".
تشكيك "حزب الله" و"التكتّل"
واتّصل النائب البطريركي العام المطران بولس صياح بجعجع مستنكراً باسم البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، كذلك اتّصل رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، فيما اكتفى "حزب الله" والنائب عبّاس الهاشم بالتشكيك، وخرق صمت تكتّل "التغيير والإصلاح" اتّصال أجراه عضو التكتّل النائب يوسف خليل.
وأوضح خليل لـ"الجمهورية" أنّ اتّصاله بجعجع كان بمبادرة شخصيّة منه وليس باسم "التكتّل"، مشيراً إلى أنّ "صداقة قديمة تجمعني بجعجع منذ ايّام الجامعة، وسمعت بالحادثة، وأحببت ان استنكر وأبدي اعتراضي ومشاعري حيال ما حصل، وخطوتي شخصيّة، وكلّ نائب مسؤول عن نفسه".
ونفى خليل ان يكون قد تلقّى أيّ عتب من الرابية قائلاً: "كلّ شخص لديه أفكار مختلفة وهو من يقرّر، وحدود العلاقة بين رئيس التكتّل النائب ميشال عون وجعجع تخصّ الإثنين، لكن لم تحصل أيّ قطيعة بين نوّاب "التكتّل" و"القوات"، وأكرّر أنّي شخصيّا تجمعني صداقة بجعجع وهي مستمرّة، لذا لا يمكن ما جرى أن يمرّ من دون أن استنكر، لكنّ موقفي غير مرتبط بأيّ موقف آخر ولا يلزم الآخرين".
وهل فوجئ جعجع بالاتّصال؟ أجاب خليل: "كلّا، لقد اعتبر الموضوع عاديّاً"، نافياً أن يكون قد حمّله أيّ رسالة معينة لرئيس تكتّل "التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون، وقال: "في الواقع لا رسائل، وكان الاتّصال للاطمئنان والاستنكار".
كلام جعجع
في غضون ذلك، أعلن جعجع انّه: تمّ تحديد النقطة التي أطلقت الرصاصات منها"، رافضاً أن يكون قد تسرّع في توجيه الاتّهام، مكرّراً أنّ "الفريق الذي قام بهذا الأمر يبدو أنّه مستعدّ وحضّره بفترة تراوح بين أربعة إلى ستّة أشهر". وكشف مستشاره العميد المتقاعد وهبي قاطيشا "أنّ الرصاصتين كانتا على بعد سنتمتريْن من رأسه عندما انحنى".
وإلى ذلك، واصلت الأجهزة الأمنية تحقيقاتها في الحادث بإشراف القضاء الذي أصدر أمس استنابات للتحقيق في بعض المجالات وإعداد تقرير مفصّل عن "داتا" الإتّصالات في المنطقة، بالإضافة الى احتمال ان يكون الجناة قد استخدموا طريقاً راقبوها قبيل العملية، ما سهّل فرارهم سريعاً من دون أن تتمكّن القوى الأمنية، التي استكشفت المنطقة بعد نصف ساعة، من القبض عليهم.
وقال وزير الداخلية مروان شربل لـ"الجمهورية": "إنّ هناك معطيات جدّية وأدلّة وإثبابتات على العملية" داعياً إلى انتظار نتائج التحقيق.
وقالت مراجع امنية لـ "الجمهورية" إنّ البحث في تلّة معراب الغربية التي تطلّ على جوانب من منشآت مقرّ "القوات اللبنانية" أدّى الى العثور على مكان نصب البندقية القنّاصة، حيث بدت آثار "عبث بيد بشريّة" ببعض الأحجار التي تمّت تغطيتها بأغصان خضراء في منطقة حرجيّة كثيفة. وقد تمّ من هذه النقطة تحديد خطّ النار في اتّجاه الهدف وآثار الرصاصتين في معراب، وتبيّن أنّ المسافة تبلغ 965 متراً بقياس الجهاز الذي يستخدم في مثل هذه الحالات.
وأشارت المراجع الى أنّه لم يُعثَر في هذا المكان على مظروفي الرصاصتين، مؤكّدة أنّها تتابع التحقيق على أن يتمّ كشف المعطيات التي توافرت ويمكن أن تقود الى معرفة الجهة المنفّذة.
صفقة الكهرباء
وبعيداً من الشأن الأمني، انتهى "اليوم الكهربائي" في السراي الحكومي الى تقسيم "الجبنة" المتأتّية من استئجار البواخر لتوليد الطاقة الكهربائية على جميع المعنيّين، وهذه «الجبنة» تتراوح المعلومات عن قيمتها، فبعض المتابعين يقدّرها بما يربو على 60 مليون دولار، وبعض آخر يقدّرها بما يتجاوز المئة مليون دولار ستوزّع بـ" العدل والقسطاس" على بعض كبار القوم وأقربائهم وأصهارهم والأصدقاء والوسطاء.
وقد تجسّد هذا "اليوم الكهربائي المنتج" باجتماع اللجنة الوزارية المكلّفة درس عروض الشركات لاستئجار البواخر برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي كان التقى رئيس الجمهورية ميشال سليمان في بعبدا صباحاً.
وقد توصّلت اللجنة الى اتّفاق كرّس مفهوم تقاسم "جبنة العمولات" بين بعض الشركاء في الحكومة على الرغم من النجاح في تخفيض العروض، فكانت الشركة التركيّة صاحبة الحظوة والحظّ، إذ بعد ستّ ساعات من التفاوض وافقت "لجنة البواخر" على عرضها، مستبعدة عرض الشركة الأميركية الذي لم تطّلع عليه، من دون معرفة الأسباب.
مدير الشركة الأميركية
واستغرب المدير العام المسؤول في شركة Weller marine الاميركية رودولف إلياس طريقة التعاطي مع وفد الشركة التي تمّ استبعادها حتى قبل أن تقدّم عرضها النهائي بعد التفاوض. وكشف لـ"الجمهورية" أنّ اجتماع وفد الشركة مع اللجنة الوزارية دام نصف ساعة قبل أن يطلب منهم ميقاتي الانتقال الى قاعة جانبية لمراجعة حساباتهم قبل تقديم العرض النهائي بعدما تمّ الاتّفاق على تقديم عرض لباخرة واحدة تؤمّن 180 ميغاوات ولمدّة 3 سنوات، على أن يتضمّن العرض التشغيل والاستهلاك فقط، لأنّ ميقاتي تعهّد أمام الوفد بتأمين التمويل، فيما تعهّد وزير المال محمد الصفدي تأمين Insurance بكلفة منخفضة. لكنّ الوفد فوجئ بعد انتظار لأكثر من ثلاث ساعات أنّ اللجنة الوزارية أنهت عملها وخرجت من دون إبلاغه ما توصّلت إليه في العرض الجديد أو حتى تعتذر، وتبلّغ الوفد من أمن السراي الحكومي أنّ الاجتماع قد انتهى.
واعتبرت الشركة "أنّ ما حصل هو صفقة مُتّفق عليها مسبقاً، وأنّ المفاوضات معها لم تكن سوى للتمويه"، معتبرةً "أنّ التصرّف مع الوفد كان غير لائق، علماً أنّ عرضها الجديد كان يتضمّن قيمة 5،6 سنت للكيلو وات ساعة وهو عرض مُغرٍ جدّاً".
باسيل لـ"الجمهورية"
في المقابل استفسرت "الجمهورية" من باسيل حقيقة الأمر، فنفى أن تكون اللجنة قد تصرّفت مع الشركة الأميركية على هذا النحو، مؤكّداً أنّه غادر وميقاتي أكثر من مرّة قاعة اجتماع اللجنة الى حيث كان الوفد الأميركي ينتظر "وسألناه اكثر من مرّة أيضا عن السعر ولم يكن هناك من تجاوب، خصوصاً بعد إصرارنا على تخفيض الأسعار، لكنّ الوفد حاول المماطلة والتهرّب من إعطاء جواب نهائيّ ومحدّد، وكان يتذرّع في كلّ مرّة بـ"خبرية" .
وأكّد باسيل "أنّ اللجنة اختارت أفضل شركة وأفضل عرض، وهي تُعدّ الرقم واحد في النوعية التي يحتاجها لبنان كما في الكلفة التي تلائمه".
واستغرب باسيل ما تحدّثت عنه الشركة الأميركيّة، قائلاً: "مِش كلّ ما تخسر شركة بدها تقوم قيامتها علينا"، وأضاف: "عرض الشركة التركيّة كان جيّداً جدّاً، وهي قدّمت أفضل عرض لها في العالم، وقد حقّق لبنان وفراً بحدود 8 ملايين دولار تقريباً سنويّا".
وكشف باسيل "أنّ الباخرة التركية الأولى ستصل بين شهري حزيران وتمّوز، وهي مجهّزة لتأمين الطاقة مباشرة بحدود 180 ميغاوات، أمّا الباخرة الثانية فسيتحدّد مصيرها لاحقاً حسب نوعية العقود والسرعة في إنجازها". وتمنّى "أن يوافق مجلس الوزراء سريعاً على القرار الذي سترفعه اللجنة إليه في الجلسة المقبلة لكي يبدأ التنفيذ".
"بطولة وإنجازات"
على أنّ أوساط السراي الحكومي روّجت بعد الاجتماع لـ"بطولة" اللجنة و"إنجازاتها" في تخفيض الأسعار "لمصلحة خزينة الدولة"، وقالت مراجع معنية إنّ الاجتماع الذي دام خمس وساعات وربع الساعة تمّت تجزئته الى ثلاث مراحل، الأولى بدأت فيها المفاوضات بين رئيس الحكومة وأعضاء اللجنة والشركتين الأميركية والتركية على مدى ساعة ونصف الساعة انتهت الى تخفيض مزدوج للشركتين. وفي المرحلة الثانية واصل ميقاتي وأعضاء اللجنة ضغوطهم لتحقيق مزيد من التخفيض في الاسعار، فأصرّت الشركة الأميركية بعد نصف ساعة من المفاوضات معها على أسعارها من دون أيّ تعديل يُذكَر. وفي الموازاة أبدت الشركة التركيّة مرونة أكبر فخفّضت أسعارها 9 % مرّة أُخرى عن السعر النهائي الذي حدّدته سابقاً فتقرّر الأخذ بعرضها وتكليفها تجهيز باخرتين توفران 270 ميغاوات.
وتعهّدت بتقديم أولاهما بعد ثلاثة أشهر.
أمّا المرحلة الثالثة من المفاوضات فتركّزت على تحسين شروط العقد، فتمّ استعراض الشروط الأوّلية وفق جدول مقارنة بما قبلت به الشركتان وما يمكن تسويته في المرحلة النهائية.
الخوري لـ"الجمهورية"
وعلى المستوى البيئيّ أوضح وزير البيئة ناظم الخوري الى "الجمهورية": "لقد حقّقنا شروطاً صارمة ومهمّة، ومنها الالتزام بما سبق لي أن حدّدته عندما خاطبت مجلس الوزراء بالحدّ الأدنى من الشروط البيئية التي يمكن تنفيذها في رسالتين الأولى بتاريخ 3 آذار الماضي والثانية في 28 منه، وقد تمّ الأخذ بها". وأضاف: "لقد توصّلنا الى إجراءات تضمن حقوق لبنان في حال حصول أيّ تسرّب نفطيّ الى البحر، وقبلت الشركة طلبنا رفع مداخن الباخرة 20 متراً إضافيّا عمّا كان مقرّراً في الأوراق السابقة، وهو أمر يجعلها على مستوى الأثر البيئي أفضل بكثير من مداخن معمل الذوق".
وفي نهاية الاجتماع تمّ التوافق على إعطاء اللجنة التقنية مهلة تنتهي في 20 نيسان الجاري موعد انعقاد مجلس الوزراء لتقديم العقود في صيغتها النهائية، مرفقة بتقرير مفصّل عن نتائج المفاوضات لكي يتّخذ المجلس القرار النهائي في شأنها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق