"الراي": حكومة ميقاتي "تلملم صفوفها" تحت وطأة "الهجوم الممنهج" لـ"14 آذار"


كتبت صحيفة "الراي" الكويتية:

تسارعت المساعي السياسية في الساعات الاخيرة لتوفير نصاب سياسي وقانوني يكفل ظهور الحكومة بمظهرٍ متماسك بحده الادنى في الجلسة التي يعقدها مجلس الوزراء بعد ظهر اليوم في قصر بعبدا بعدما حالت الأزمة الناشئة بين «تكتل التغيير والاصلاح» الذي يترأسه العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري دون انعقاد جلستين الاسبوع الماضي بفعل مقاطعة وزراء التكتل احتجاجاً على المسار الذي سلكه قانون تثبيت المياومين في مؤسسة كهرباء لبنان في الجلسة التشريعية التي عقدها البرلمان.

واذ تركزت الاتصالات والمساعي التي بذلها رئيسا الجمهورية ميشال سليمان والحكومة نجيب ميقاتي على اقناع «التكتل» بحضور جلسة اليوم، بدت نتيجة هذه المساعي وكأنها رجحت استجابة وزراء عون للدعوة، ولكن من دون ضمان مسبق للنتائج التي ستفضي اليها الجلسة في بعض القضايا الملحة المطروحة عليها والتي غلب عليها الطابع الأمني.

وتقول اوساط معنية بهذه الاتصالات لـ«الراي» ان عوامل عدّة ضغطت بقوة من اجل انعقاد الجلسة الوزارية بكامل المكوّنات السياسية للحكومة، وهي تتلخص بالآتي:

اولاً: ان صورة المشهد الحكومي منذ الاسبوع الماضي، وعلى أثر الازمة التي نشأت في جلسة مجلس النواب مع الموقف الذي اتخذته الكتل النيابية المسيحية وتحديدا «التيار الوطني الحر» (بقيادة عون) و«القوات اللبنانية» وحزب الكتائب في رفضها قانون تثبيت المياومين في مؤسسة الكهرباء، والذي أبرز أزمة جدية عميقة بين العماد عون وشريكيْه في الفريق الشيعي «امل» و«حزب الله»، قد رتّب نتائج خطيرة جداً على موضوع بقاء الحكومة واستمرارها. بل ان تصاعُد الحملات الاعلامية بين بري وعون، ولو عبر أوساطهما، أوحى بان الوضع الحكومي قد يكون قارب الانهيار. ويبدو ان اليومين الاخيرين شهدا مراجعة لهذا المنحى وماذا كان يمكن ان يفضي اليه في حال استمرار التصعيد، بحيث برزت ملامح تبريد الحملات بفعل اتصالات بعيدة عن الاضواء يُعتقد ان «حزب الله» اضطلع بدور فيها منعاً لانفراط العقد الحكومي وكذلك لوصول الأزمة بين الفريق الشيعي وعون الى مرحلة يصعب معها العودة الى الوراء.

ثانياً: جاءت محاولة اغتيال القيادي في 14 آذار النائب بطرس حرب والتطورات الأمنية في منطقة عكار سواء لجهة الاحتجاجات الواسعة التي تشهدها عقب اطلاق ثلاثة ضباط وثمانية عسكريين في قضية مقتل الشيخ احمد عبدالواحد ورفيقه على حاجز للجيش (في 20 مايو الماضي) او لجهة الانتهاكات السورية للحدود الشمالية والقصف على وادي خالد، لتضع الحكومة امام استحقاق لا يحتمل استمرار غيابها عن مسرح المعالجات والا تعرّضت لخطر الانهيار في حال عدم التئام مجلس الوزراء على خلفية تصدُّع صفوفها. وقد زاد الحاح انعقاد مجلس الوزراء بكامل مكوناته الهجوم الحاد الذي شنّته قوى 14 آذار على الحكومة في الايام الاخيرة مطالِبة باسقاطها، ان في الاجتماع الذي عقد في منزل النائب حرب قبل ايام وان في المهرجان الذي اقامته النائبة بهية الحريري في مجدليون مساء السبت في ذكرى مرور عام على تشكيل الحكومة. وقد شهد هذا المهرجان الحملة الاعنف على الحكومة بلسان رئيس «كتلة المستقبل» فؤاد السنيورة الذي «تحدى» للمرة الاولى مباشرة الرئيس ميقاتي باتهامه له «بالتواطؤ» في استهداف قادة 14 آذار بمحاولات الاغتيال عبر حجب داتا الاتصالات عن الاجهزة الامنية.

وتقول الاوساط المعنية ان هذا الهجوم املى على قوى 8 آذار وميقاتي والتكتل العوني اتخاذ موقف للردّ على الهجوم عبر توفير النصاب لمجلس الوزراء اليوم، لانه في حال عدم حصول ذلك فان الامر سيوفر مادة اضافية للمعارضة للمضي في حملات أشدّ عنفاً وشراسة على الحكومة.

ثالثاً: ثمة موضوعان شديدا الاهمية سيطرحان على جلسة اليوم هما موضوع مطالبة الفعاليات العكارية ومعها «تيار المستقبل» باحالة قضية مقتل الشيخ عبد الواحد على المجلس العدلي وسحب الملف من القضاء العسكري لانهاء حالة الاحتجاجات في عكار التي تتحضّر لاعلان عصيان مدني في حال عدم الاستجابة لهذين المطلبين، واعادة النظر في موضوع تسليم داتا الاتصالات الى الاجهزة الامنية بغير الطريقة المتبعة التي تشعل حملات حادة على الحكومة تصل الى حدود اتهامها بتغطية محاولات الاغتيال. وهذان الملفان لا يتوافر حولهما توافق داخل الحكومة بل ثمة خلافات يرجح ان تبرز اليوم فيما يتوجب على مجلس الوزراء اتخاذ قرارات حاسمة في شأن الملفين.

ولذا تكتسب الجلسة اهمية مزدوجة. فهي من جهة ستُظهر الى اي مدى يمكن اعادة تعويم الوضع الحكومي بعدما تلقى ضربة قوية الاسبوع الماضي، كما ستظهر من جهة اخرى اذا كان ثمة قدرة على التوافق حيال ملفات خلافية شديدة الحساسية والالحاح في الوضع الامني المفتوح يومياً على تطورات سلبية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات