منذ أسابيع وعلى إيقاع التحوّلات الديموقراطيّة في المنطقة العربيّة وفي
مواكبة الربيع السوريّ تحديداً، دأبت قوى 14 آذار على إطلاق المبادرات التي
تخاطب اللبنانيّين بشأن مستقبل بلدهم.
وإذا كانت تلك المبادرات تؤشّر إلى حيويّة ثقافيّة – فكريّة في 14 آذار، فإنّها في الوقت نفسه تتّسم بتصميم على مقاربة الوضع اللبناني في راهنه ومستقبله من موقع البلد كلّ البلد، أي من منظار عام وليس من اعتبار فئويّ، طائفيّ أو حزبيّ. وتنطلق هذه المبادرات جميعها من أنّ الربيع العربيّ محطّة تاريخيّة في حياة المنطقة، وأنّه يستطيع أن يكون فرصة تاريخيّة للبنان. وبهذا المعنى فإنّ تشديد 14 آذار على انتمائها إلى هذا الربيع هو تشديد على طيّ صفحات سود من تاريخ لبنان الحديث في سبيل العبور إلى المرحلة الجديدة.
إنّ أيّ متتبّع للنصّ الذي ألقاه الرئيس سعد الحريري في 14 شباط الماضي في الذكرى السابعة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، ثمّ لنصّه الذي خاطب به لقاء إطلاق وثيقة "تيّار المستقبل" الأسبوع الفائت، كما أنّ أيّ متتبّع جادّ لوثيقة التيّار نفسها، في انتظار المبادرة الموحّدة لقوى 14 آذار بعد غد الأربعاء في الذكرى السابعة لثورة الأرز، إنّما تخلص إلى تصوّر لمستقبل لبنان لا يقصي أيّاً من اللبنانيّين، تصوّر لجمع شمل اللبنانيّين جميعهم.
وهكذا في مقابل فريق آخر يشتغل على تخويف اللبنانيّين من المستقبل، من الربيع العربيّ، من تداعيات مزعومة للتحوّل الديموقراطي في سوريّا، مخضعاً اللبنانيّين للقلق، مُصرّاً على ربطهم بمحور بذاته وبمصير هذا المحور، فإنّ قوى 14 آذار تكرّر في مواقفها السياسيّة وفي مبادراتها أنّ المستقبل واعد وليس مخيفاً. وفيما يؤدّي الفريق الآخر على قاعدة أنّ انتصار الربيع العربيّ هزيمة له وأنّ انتصاره في مصلحة "أعداء"، تتصرّف 14 آذار على أساس أنّ انتصار الربيع العربيّ فرصة ذهبيّة لوطن بأسره.
وإذا كان لأحد أن يلخّص المشهد لَأمكَنه القول إنّ فريق "حزب الله" يضخّ الخوف ويهدّد بالقوّة وبقلب الطاولة ويحذّر من أنّ الاستقرار سيكون معرّضاً، في حين أنّ 14 آذار تضخّ الأمل معيدةً الاعتبار لحقيقة أنّ جدّية أيّ عمل سياسيّ تُقاس بالأمل الذي يفتحه. وفي وقت يتمسّك فريق "حزب الله" بتعميق الانقسام تتوجّه 14 آذار نحو الجمع.
في 14 شباط الماضي أكّد الرئيس الحريري تحمّله المسؤوليّة من أجل منع الفتنة، ومضيّه في مشروع الدولة التي لا منتصر فيها ولا مهزوم، وشدّد على أنّ الطوائف ليست كيانات حزبيّة، داعياً إلى الفصل بين الطوائف والأحزاب ليستقرّ الصراع على سويّة سياسيّة لا طائفيّة. وفي 7 آذار، وإذ دعا إلى "تجنّب القراءات الخاطئة لمسار الربيع العربي وخصوصاً التغيير الحتميّ في سوريّا"، أكّد الحريري رفضه الاستقواء والغلبة و"رفض كلّ أشكال الاستقواء بنبض الأكثريّة". وردّاً على من اتّهمه سابقاً بأنّه يتصرّف انتصاريّاً ويوزّع الضمانات على الآخرين، أعلن بوضوح أن "لا ضمانة من طائفة لأخرى وأنّ المساواة هي الضمانة، والدولة هي الضمانة". وقال "إنّنا لا نعطي أنفسنا ولا نرض لأيّ جهة أن تعطي نفسها حقّ الوصاية على معادلة العيش المشترك". وفي اليوم نفسه شدّدت وثيقة "تيّار المستقبل" على العلاقات الإسلاميّة – الإسلاميّة وعلى أهمّيتها للوحدة الوطنيّة اللبنانيّة، ورأت أنّ الأفق في دولة مدنيّة أسّس لها اتّفاق الطائف، وشدّدت على العروبة في رحاب الديموقراطيّة والوطنيّات. وبعد غد الأربعاء ستؤكّد وثيقة 14 آذار على سلام لبنان والدولة المدنيّة والدور اللبناني في المستقبل العربيّ وعلى العيش المشترك ونهاية حقبات الاستقواء سواء بالسلاح أو بالتحالفات الخارجيّة.
14 آذار تفتح وفريق "حزب الله" يغلق. ردَّ فريق "حزب الله" على الفتح بالإغلاق واستقبل كلّ مبادرة بالرفض والتهويل.
المبادرة لا تعني تنازلات سياسيّة بل تعني رؤية إلى مرحلة جديدة. وأن يرفض "حزب الله" النقاش في رؤية معيّنة فذلك يعني رفضه التقدّم إلى الأمام. والحال أنّه يرفض وهو لا يفعل سوى أن يقول للّبنانيّين "أنا باقٍ في مكاني، أنا لا أتغيّر ولا أغيّر، أنا لا أرى أنا ضرّاب سيوف!.
والحق يُقال إنّ الاستنتاج البديهيّ هو أنّ فريق "حزب الله" غير قادر على "التحرّك"، فلا اعتبارات لبنانيّة أساسيّة تحرّكه، ولا معاناة اللبنانيّين تؤثّر فيه، والقرار ليس في يده على ما يتأكّد يوماً بعد يوم. والاستنتاج الطبيعيّ تالياً هو أنّ فريق "حزب الله" ينسب نفسه إلى مرحلة راحلة ولا يستطيع إعادة تشكيل أسباب وجوده لمرحلة مستقبليّة آتية.
الفارق بين 14 آذار وفريق "حزب الله" تالياً واضح: 14 آذار ديناميّة متحرّكة في حين أنّ "حزب الله" في الماضي.
الفارق أنّ 14 آذار تقدّم للّبنانيّين أملاً بمستقبلهم: سلاماً ونهاية لحروبهم الداخليّة والدولة المدنيّة التي تحاكي طموحاتهم، والديموقراطيّة، فيما "حزب الله" يُمعن في الإصرار على ألم اللبنانيّين، فلا يعدهم إلّا بالسلاح وبمزيد من ضرب مرتكزات الدولة... وبالتطرّف.
وعشيّة الذكرى السابعة لانتفاضة الاستقلال 2005، تستطيع 14 آذار أن تضع في خانتها حقيقة أنّها في موقع الحيويّة الثقافيّة – الفكريّة – السياسيّة التي تنتج أملاً حقيقيّاً لكلّ اللبنانيّين.
وإذا كانت تلك المبادرات تؤشّر إلى حيويّة ثقافيّة – فكريّة في 14 آذار، فإنّها في الوقت نفسه تتّسم بتصميم على مقاربة الوضع اللبناني في راهنه ومستقبله من موقع البلد كلّ البلد، أي من منظار عام وليس من اعتبار فئويّ، طائفيّ أو حزبيّ. وتنطلق هذه المبادرات جميعها من أنّ الربيع العربيّ محطّة تاريخيّة في حياة المنطقة، وأنّه يستطيع أن يكون فرصة تاريخيّة للبنان. وبهذا المعنى فإنّ تشديد 14 آذار على انتمائها إلى هذا الربيع هو تشديد على طيّ صفحات سود من تاريخ لبنان الحديث في سبيل العبور إلى المرحلة الجديدة.
إنّ أيّ متتبّع للنصّ الذي ألقاه الرئيس سعد الحريري في 14 شباط الماضي في الذكرى السابعة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، ثمّ لنصّه الذي خاطب به لقاء إطلاق وثيقة "تيّار المستقبل" الأسبوع الفائت، كما أنّ أيّ متتبّع جادّ لوثيقة التيّار نفسها، في انتظار المبادرة الموحّدة لقوى 14 آذار بعد غد الأربعاء في الذكرى السابعة لثورة الأرز، إنّما تخلص إلى تصوّر لمستقبل لبنان لا يقصي أيّاً من اللبنانيّين، تصوّر لجمع شمل اللبنانيّين جميعهم.
وهكذا في مقابل فريق آخر يشتغل على تخويف اللبنانيّين من المستقبل، من الربيع العربيّ، من تداعيات مزعومة للتحوّل الديموقراطي في سوريّا، مخضعاً اللبنانيّين للقلق، مُصرّاً على ربطهم بمحور بذاته وبمصير هذا المحور، فإنّ قوى 14 آذار تكرّر في مواقفها السياسيّة وفي مبادراتها أنّ المستقبل واعد وليس مخيفاً. وفيما يؤدّي الفريق الآخر على قاعدة أنّ انتصار الربيع العربيّ هزيمة له وأنّ انتصاره في مصلحة "أعداء"، تتصرّف 14 آذار على أساس أنّ انتصار الربيع العربيّ فرصة ذهبيّة لوطن بأسره.
وإذا كان لأحد أن يلخّص المشهد لَأمكَنه القول إنّ فريق "حزب الله" يضخّ الخوف ويهدّد بالقوّة وبقلب الطاولة ويحذّر من أنّ الاستقرار سيكون معرّضاً، في حين أنّ 14 آذار تضخّ الأمل معيدةً الاعتبار لحقيقة أنّ جدّية أيّ عمل سياسيّ تُقاس بالأمل الذي يفتحه. وفي وقت يتمسّك فريق "حزب الله" بتعميق الانقسام تتوجّه 14 آذار نحو الجمع.
في 14 شباط الماضي أكّد الرئيس الحريري تحمّله المسؤوليّة من أجل منع الفتنة، ومضيّه في مشروع الدولة التي لا منتصر فيها ولا مهزوم، وشدّد على أنّ الطوائف ليست كيانات حزبيّة، داعياً إلى الفصل بين الطوائف والأحزاب ليستقرّ الصراع على سويّة سياسيّة لا طائفيّة. وفي 7 آذار، وإذ دعا إلى "تجنّب القراءات الخاطئة لمسار الربيع العربي وخصوصاً التغيير الحتميّ في سوريّا"، أكّد الحريري رفضه الاستقواء والغلبة و"رفض كلّ أشكال الاستقواء بنبض الأكثريّة". وردّاً على من اتّهمه سابقاً بأنّه يتصرّف انتصاريّاً ويوزّع الضمانات على الآخرين، أعلن بوضوح أن "لا ضمانة من طائفة لأخرى وأنّ المساواة هي الضمانة، والدولة هي الضمانة". وقال "إنّنا لا نعطي أنفسنا ولا نرض لأيّ جهة أن تعطي نفسها حقّ الوصاية على معادلة العيش المشترك". وفي اليوم نفسه شدّدت وثيقة "تيّار المستقبل" على العلاقات الإسلاميّة – الإسلاميّة وعلى أهمّيتها للوحدة الوطنيّة اللبنانيّة، ورأت أنّ الأفق في دولة مدنيّة أسّس لها اتّفاق الطائف، وشدّدت على العروبة في رحاب الديموقراطيّة والوطنيّات. وبعد غد الأربعاء ستؤكّد وثيقة 14 آذار على سلام لبنان والدولة المدنيّة والدور اللبناني في المستقبل العربيّ وعلى العيش المشترك ونهاية حقبات الاستقواء سواء بالسلاح أو بالتحالفات الخارجيّة.
14 آذار تفتح وفريق "حزب الله" يغلق. ردَّ فريق "حزب الله" على الفتح بالإغلاق واستقبل كلّ مبادرة بالرفض والتهويل.
المبادرة لا تعني تنازلات سياسيّة بل تعني رؤية إلى مرحلة جديدة. وأن يرفض "حزب الله" النقاش في رؤية معيّنة فذلك يعني رفضه التقدّم إلى الأمام. والحال أنّه يرفض وهو لا يفعل سوى أن يقول للّبنانيّين "أنا باقٍ في مكاني، أنا لا أتغيّر ولا أغيّر، أنا لا أرى أنا ضرّاب سيوف!.
والحق يُقال إنّ الاستنتاج البديهيّ هو أنّ فريق "حزب الله" غير قادر على "التحرّك"، فلا اعتبارات لبنانيّة أساسيّة تحرّكه، ولا معاناة اللبنانيّين تؤثّر فيه، والقرار ليس في يده على ما يتأكّد يوماً بعد يوم. والاستنتاج الطبيعيّ تالياً هو أنّ فريق "حزب الله" ينسب نفسه إلى مرحلة راحلة ولا يستطيع إعادة تشكيل أسباب وجوده لمرحلة مستقبليّة آتية.
الفارق بين 14 آذار وفريق "حزب الله" تالياً واضح: 14 آذار ديناميّة متحرّكة في حين أنّ "حزب الله" في الماضي.
الفارق أنّ 14 آذار تقدّم للّبنانيّين أملاً بمستقبلهم: سلاماً ونهاية لحروبهم الداخليّة والدولة المدنيّة التي تحاكي طموحاتهم، والديموقراطيّة، فيما "حزب الله" يُمعن في الإصرار على ألم اللبنانيّين، فلا يعدهم إلّا بالسلاح وبمزيد من ضرب مرتكزات الدولة... وبالتطرّف.
وعشيّة الذكرى السابعة لانتفاضة الاستقلال 2005، تستطيع 14 آذار أن تضع في خانتها حقيقة أنّها في موقع الحيويّة الثقافيّة – الفكريّة – السياسيّة التي تنتج أملاً حقيقيّاً لكلّ اللبنانيّين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق