ثلاثة أسابيع أمام الأسد

جورج سولاج


من يتابع تدرّج المواقف الروسية من الأزمة السورية لا يحتاج إلى عناء كبير ليكتشف أنّ موسكو انتقلت من مرحلة استخدام "الفيتو"، لمنع تغيير النظام السوري، إلى مرحلة ممارسة زيادة الضغط، لتغيير سلوك هذا النظام الذي طالما اعتُبر حليفاً لها.

ويتجلّى هذا التدرّج في تطوّر الموقف الروسي في:


1 - إعلان وزير الخارجية سيرغي لافروف الأكثر دفاعاً عن دمشق، في جلسة استجواب في مجلس الدوما الروسي، أنّ الرئيس بشار الأسد تأخّر كثيراً في تطبيق الإصلاحات، و"للأسف كلّ نصائحنا لم تطبّق حتى الآن في الوقت اللازم".


2 - اعتبار مصدر رسمي في الكرملين "أنّ وضع الأسد صعب. ولا أعرف ما إذا توافرت له فرصة البقاء، أو لا، لكن أعتقد أنّ الرأي السائد هو أن لا أحد يتكهّن ببقائه في السلطة لعقود".


3 - كلام الرئيس ديمتري مدفيديف بعد اجتماعه مع كوفي أنان مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا، عن أنّ مهمّة أنان قد تكون "فرصة أخيرة لتجنّب حرب أهلية دموية وطويلة".


وقد بدأت موسكو تضغط على الأسد في محاولة لإنجاح مساعي أنان، لكنها لم تتخلّ عنه بعد. فقد زار عدد من المسؤولين الأوروبيّين العاصمة الروسية في الأسابيع الماضية ليقترحوا أفكاراً متعدّدة، منها إحالة ملف الرئيس السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية بعد سقوط أكثر من عشرة آلاف قتيل في سوريا، لكن الكرملين رفض هذه الفكرة في المرحلة الراهنة.


بدأ الضغط الدولي والعربي على موسكو يؤتي بعض الثمار، فقد شرح الروس عبر القنوات الأمنية والدبلوماسية للرئيس الأسد أنّ الوضع الراهن يفرض عليه اتخاذ خطوات جذرية من أجل بدء الحوار، لأنّ دمشق اليوم أمام مرحلة حاسمة: إمّا أن تنجح مهمّة أنان المدعومة من مجلس الأمن، وإمّا أن ينهار الوضع في سوريا بشكل كامل، مع الإشارة إلى أنّ أمام المبعوث الدولي مهلة لا تتعدّى الثلاثة أسابيع للتوصّل إلى اتفاق.


وكانت القيادة الروسية طلبت حذف البند الذي يحدّد مهمّة أنان بأسبوعين في مشروع البيان الرئاسي الذي اعتمده مجلس الأمن وينصّ على اتخاذ خطوات لاحقة ضدّ النظام، ما لم يتمّ التوصّل إلى هدنة خلالها.


هل تؤدي الضغوط على الرئيس الأسد إلى نتيجة؟


يبدو هذا الأمر مستحيلاً لاعتبارات عديدة، أبرزها:


1 - إنّ الرئيس الأسد لا يملك فرض حوار على مناوئيه لأنهم رافضون له أصلاً قبل تنحّيه.


2 - إنّ الحسم العسكري حتى إذا نجح، لن ينتج حلاً سياسياً، وبالتالي لن ينهي الأزمة السورية التي تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم.


فهل يفاوض الأسد نفسه إذا لم تستجب قوى المعارضة لدعوات الحوار؟


من هنا، يبدو أنّ مهمّة أنان محكوم عليها بأن تلقى مصير بعثة المراقبين العرب، لأنّ أطراف المعارضة عاجزون عن إنتاج حلّ سياسي، ويتطلّعون إلى موجة جديدة من المواجهات المسلّحة، حيث ستسعى القيادة السورية إلى الحسم العسكري قبل 15 نيسان المقبل ليلقي الأسد "خطاب النصر"، فيما بدأت المعارضة المسلّحة إرسال مقاتليها من حمص وضواحيها إلى دمشق لتنظيم حرب عصابات واغتيالات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات