أحمد طيّ -
مسألة ميدان سباق الخيل الروماني تتفاعل وليّون يجدّد توضيح معطياته العلمية
لو هبّ عالم آثارٍ عتيقٌ وأصيلٌ، مدافعاً عن آثار لبنان وكنوزه التاريخية الدفينة، لصدّقه اللبنانيون جميعاً نظراً إلى «مصداقيته» المبنية على أساسٍ علميٍّ، فيعتبرون أنه ربما يرى أي انتهاكٍ يحصل، من زاويته العلمية البحتة، خصوصاً أن علماء الآثار «الأصيلين» لا شأن لهم في متاهات السياسة ولا زواريبها، إذ أنهم يمتلكون متعةً خاصة بين الحفريات والقطع الأثرية، ويرفضون حتماً تعكيرها بدجل السياسة.
ولو انتفض شعبٌ ورأيٌ عامٌ احتجاجاً على تخريبٍ يطاول تاريخ بلادهم أو آثارها، حتّى لو كانت انتفاضته تلك نتيجة تغريرٍ به من قبل جهةٍ سياسية معينة، أو ربما لأنهم ناصروا عالم آثار أصيلاً، فإن أي تحرك شعبي، وجب تلقفه، وتبيان الحقائق أمامه، وتلبية مطالبه.
ولكن، أن تقوم جهة سياسية لها في انتهاك خبايا لبنان التاريخية صولات وجولات، فهذا ما لا يمكن السكوت عنه، في زمنٍ أصبحت فيه السياسة تفتش عن أيّّ «حبّة» لتصنع منها «قبّة»، لا محبّةً بحقّ، بل إرادةً لباطل.
فبعدما أثيرت في الآونة الأخيرة مسألة ميدان سباق الخيل الروماني، بعد سماح وزير الثقافة غابي ليّون لمالك العقار 1370 في منطقة وادي أبو جميل في وسط بيروت نظام علي أحمد بتشييد مبنى فوق عقاره حيث الميدان، مشترطاً، أي ليّون، ألا يمسّ أحمد أي قطعة أثرية في الميدان، وأن يتنازل عن طابقين كاملين من أجل قيام متحف للحفاظ على هذه القطع، وهذا ما يعرف في عالَم الآثار بـ«الدمج». ما كان من ليّون إلا أن يعقد مؤتمراً صحافياً مطوّلاً كي يشرح للرأي العام المعطيات التي حدت به إلى وهب أحمد هذا الترخيص، علماً، وبحسب ليّون، بأنه لم ينقض أي قرارات سابقة اتخّذها أسلافه، ولم يخالف القانون، كما لم يخالف رأي ذوي الاختصاص.
وإذ استنفر الوزراء الثلاثة: متري وسلام ووردة احتجاجاً على قرار خلفهم، وعقدوا المؤتمرات، وزاروا الرؤساء، واستنجدوا بداية بالمجتمع المدني الذي يلحق كلمة «لا» كيفما اتجهت، ومن ثمّ بالنوّاب، لا لشيء، بل فقط من أجل تبرير موقفهم المبنيّ على خلفية سياسية بحتة، وعلى «خدمةٍ» يؤدّونها إلى محتلّي بيت النصولي، أو ما يعرف بـ«بيت الوسط». ولكن كلّ خطواتهم كانت تبوء بالفشل، خصوصاً أنهم غارقون في انتهاك وسط بيروت حتى الركب، أو على الأقل كانوا وما زالوا شركاء من اغتصب ذلك الوسط.
أما منذ يومين، فطالع اللبنانيين مدافعٌ آخر، والصوت هذه المرّة جاء من الجنوب، حيث جبل النفايات بقبحه، يقضي على جمال قلعة صيدا وخان الافرنج، وعلى كل آثارٍ فيها، متناسياً كل ذلك القبح، ومناصراً فريقه في بيروت في معركته ضدّ ليّون. نعم إنه رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق، ووزير ماليته الذي أدخل لبنان في ملياراتٍ ستين من الدين.. فؤاد السنيورة.
وإذ لم يقدّم أي جديدٍ عن «تبريرات» من سبقوه، فقد جاء كلام السنيورة متلعثماً خلال ندوة صحافية عقدها الأحد الفائت على هامش استقباله في مكتبه في الهلالية ـ صيدا شخصيات ووفوداً من صيدا والجوار، حيث لم يعرف كيف يربط المعطيات بعضها ببعض، بل كرّر ما قاله مَنْ نَزِلَ إلى الميدان محارباً من قبله.
ربما لا يعرف السنيورة الميدان عن كثب، أو ربما، لم يأذن له عبد عرب يوماً بزيارة الموقع، كما فعل مع الوزير وردة، وربما أيضاً يكون كلامه حلقةً أخرى من حلقات الهجوم على ليّون. ويبقى كل ذلك في خانة التخمين أو الـ«ربما»، ولكن المعلوم، أن السنيورة تناسى كغيره عمداً، ما اقترفته «سوليدير» بحق وسط بيروت، تناسى كيف كانت فرامل الجرّافات تنفلت «صدفةً» فتحطّم آثاراً هنا، وأعمدةٍ هناك، بغية تدميرها، لتشاد في مكانها ناطحات سحاب. وجلّ ما أمكن استقاؤه من كلام السنيورة، وقوعه في الفخّ ذاته الذي وقع فيه متري وسلام ووردة، حين قال: «لا يحق لوزير الثقافة أن ينقل الآثار من أمكنتها»، فليسأل إذاًَ من نقل بعضاً من تلك الآثار في العقار 1371، ومن نقل الآثار في العقار حيث يوجد «بنك عودة»؟
ليّونمن جهته، جدّد وزير الثقافة غابي ليّون في تصريحٍ متلفز أمس، توضيحه موضوع آثار ميدان سباق الخيل الروماني المثيرة للجدل، قائلاً: «إن القرار المتخّذ في شأن هذا العقار هو قرار علمي، وقد أبعدت منذ زمن وزارة الثقافة عن السياسة، وصرّحت مراراً أنني جئت أكمل ما بدأ به السالفون، وما قبلنا به هو إنجاز وطني للتاريخ والتراث، ولن أقبل أن يصوّروا إنجازاتنا إخفاقاتٍ تخصّهم».
وعدد أربعة احتمالات لتشييد البناء على هذا العقار والحفاظ في الوقت ذاته على التراث، ولماذا وزارة الثقافة اختارت هذا الاحتمال بالذات، لافتاً إلى أن «في الحفريات، التعامل مع الآثار يكون في حفظها. ففي موضوع الاستملاك هناك أيضاً الطريق الثالثة، وتكمن في نقل القطع الأثرية إلى المتحف أو إلى ساحات معينة لتزيينها. وأيضاً الدمج ضمن المشروع، وهناك سبيلان للدمج: الدمج مع تعديل الموقع، والدمج في الموقع نفسه»، منوّها بأنه «عملياً، هناك ما نطمره ولسنا راضين عنه، وهي مدينة تحت مخيم نهر البارد».
وأكد ليون أنه لم يمح أي قرار اتخذ من قبل أحد وزراء الثقافة السابقين أو تجاوزه. وقال: «حصلت اكتشافات في عهد الوزير طارق متري، وفي أيام الوزير سليم وردة، وجرت إزالة العشب عنها لأنه مضرّ بالآثار». ولفت في هذا الإطار مستغرباً أن «الوزير وردة أخذ إذناً بالدخول لأعمال تعشيب من شركة «سوليدير»!، التي كانت توافق مرّة، وترفض مرّة أخرى، ووضعت شروطاً للتعشيب. كما أُجبر وردة على التنسيق مع جهاز أمن الحريري الذي يرأسه عبد عرب لكي يزيل العشب«.
وأعاد ليّون شرح ما يتعلق بميدان سباق الخيل، «فهو يتألف من تراب ومدرّجات والشوكة الوسطية. أما البقايا في هذه الآثار، فهي جزء من المدرج، وجزء من الشوكة الوسطية. وأوعزنا إلى المالك صاحب العقار بأنه ممنوع المسّ بهذه البقايا، ويوجوب التقيد بشروط اللجنة الاستشارية».
وأشار إلى أن «كلّ مساحة الطابق الذي سيشيد فوق العقار، حيث الموجودات الأثرية سيبقى مكشوفاً ومفتوحاً لكل الزائرين مجاناً. والعقار المجاور له ورقمه 1379 مكتوب عليه «الحمام الروماني» التابع لميدان سباق الخيل، وكان وافق الوزير تمام سلام على إزالته ووضعه في مكان آخر».
وأكد في خلاصة حديثه، أن «كل الأمر يتفاعل لعدم إقفال واجهة منزل سعد الحريري في «إمبراطورية بيت الوسط» حيث جزء من هذا الميدان مشاد عليه «بيت الوسط».
مسألة ميدان سباق الخيل الروماني تتفاعل وليّون يجدّد توضيح معطياته العلمية
لو هبّ عالم آثارٍ عتيقٌ وأصيلٌ، مدافعاً عن آثار لبنان وكنوزه التاريخية الدفينة، لصدّقه اللبنانيون جميعاً نظراً إلى «مصداقيته» المبنية على أساسٍ علميٍّ، فيعتبرون أنه ربما يرى أي انتهاكٍ يحصل، من زاويته العلمية البحتة، خصوصاً أن علماء الآثار «الأصيلين» لا شأن لهم في متاهات السياسة ولا زواريبها، إذ أنهم يمتلكون متعةً خاصة بين الحفريات والقطع الأثرية، ويرفضون حتماً تعكيرها بدجل السياسة.
ولو انتفض شعبٌ ورأيٌ عامٌ احتجاجاً على تخريبٍ يطاول تاريخ بلادهم أو آثارها، حتّى لو كانت انتفاضته تلك نتيجة تغريرٍ به من قبل جهةٍ سياسية معينة، أو ربما لأنهم ناصروا عالم آثار أصيلاً، فإن أي تحرك شعبي، وجب تلقفه، وتبيان الحقائق أمامه، وتلبية مطالبه.
ولكن، أن تقوم جهة سياسية لها في انتهاك خبايا لبنان التاريخية صولات وجولات، فهذا ما لا يمكن السكوت عنه، في زمنٍ أصبحت فيه السياسة تفتش عن أيّّ «حبّة» لتصنع منها «قبّة»، لا محبّةً بحقّ، بل إرادةً لباطل.
فبعدما أثيرت في الآونة الأخيرة مسألة ميدان سباق الخيل الروماني، بعد سماح وزير الثقافة غابي ليّون لمالك العقار 1370 في منطقة وادي أبو جميل في وسط بيروت نظام علي أحمد بتشييد مبنى فوق عقاره حيث الميدان، مشترطاً، أي ليّون، ألا يمسّ أحمد أي قطعة أثرية في الميدان، وأن يتنازل عن طابقين كاملين من أجل قيام متحف للحفاظ على هذه القطع، وهذا ما يعرف في عالَم الآثار بـ«الدمج». ما كان من ليّون إلا أن يعقد مؤتمراً صحافياً مطوّلاً كي يشرح للرأي العام المعطيات التي حدت به إلى وهب أحمد هذا الترخيص، علماً، وبحسب ليّون، بأنه لم ينقض أي قرارات سابقة اتخّذها أسلافه، ولم يخالف القانون، كما لم يخالف رأي ذوي الاختصاص.
وإذ استنفر الوزراء الثلاثة: متري وسلام ووردة احتجاجاً على قرار خلفهم، وعقدوا المؤتمرات، وزاروا الرؤساء، واستنجدوا بداية بالمجتمع المدني الذي يلحق كلمة «لا» كيفما اتجهت، ومن ثمّ بالنوّاب، لا لشيء، بل فقط من أجل تبرير موقفهم المبنيّ على خلفية سياسية بحتة، وعلى «خدمةٍ» يؤدّونها إلى محتلّي بيت النصولي، أو ما يعرف بـ«بيت الوسط». ولكن كلّ خطواتهم كانت تبوء بالفشل، خصوصاً أنهم غارقون في انتهاك وسط بيروت حتى الركب، أو على الأقل كانوا وما زالوا شركاء من اغتصب ذلك الوسط.
أما منذ يومين، فطالع اللبنانيين مدافعٌ آخر، والصوت هذه المرّة جاء من الجنوب، حيث جبل النفايات بقبحه، يقضي على جمال قلعة صيدا وخان الافرنج، وعلى كل آثارٍ فيها، متناسياً كل ذلك القبح، ومناصراً فريقه في بيروت في معركته ضدّ ليّون. نعم إنه رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق، ووزير ماليته الذي أدخل لبنان في ملياراتٍ ستين من الدين.. فؤاد السنيورة.
وإذ لم يقدّم أي جديدٍ عن «تبريرات» من سبقوه، فقد جاء كلام السنيورة متلعثماً خلال ندوة صحافية عقدها الأحد الفائت على هامش استقباله في مكتبه في الهلالية ـ صيدا شخصيات ووفوداً من صيدا والجوار، حيث لم يعرف كيف يربط المعطيات بعضها ببعض، بل كرّر ما قاله مَنْ نَزِلَ إلى الميدان محارباً من قبله.
ربما لا يعرف السنيورة الميدان عن كثب، أو ربما، لم يأذن له عبد عرب يوماً بزيارة الموقع، كما فعل مع الوزير وردة، وربما أيضاً يكون كلامه حلقةً أخرى من حلقات الهجوم على ليّون. ويبقى كل ذلك في خانة التخمين أو الـ«ربما»، ولكن المعلوم، أن السنيورة تناسى كغيره عمداً، ما اقترفته «سوليدير» بحق وسط بيروت، تناسى كيف كانت فرامل الجرّافات تنفلت «صدفةً» فتحطّم آثاراً هنا، وأعمدةٍ هناك، بغية تدميرها، لتشاد في مكانها ناطحات سحاب. وجلّ ما أمكن استقاؤه من كلام السنيورة، وقوعه في الفخّ ذاته الذي وقع فيه متري وسلام ووردة، حين قال: «لا يحق لوزير الثقافة أن ينقل الآثار من أمكنتها»، فليسأل إذاًَ من نقل بعضاً من تلك الآثار في العقار 1371، ومن نقل الآثار في العقار حيث يوجد «بنك عودة»؟
ليّونمن جهته، جدّد وزير الثقافة غابي ليّون في تصريحٍ متلفز أمس، توضيحه موضوع آثار ميدان سباق الخيل الروماني المثيرة للجدل، قائلاً: «إن القرار المتخّذ في شأن هذا العقار هو قرار علمي، وقد أبعدت منذ زمن وزارة الثقافة عن السياسة، وصرّحت مراراً أنني جئت أكمل ما بدأ به السالفون، وما قبلنا به هو إنجاز وطني للتاريخ والتراث، ولن أقبل أن يصوّروا إنجازاتنا إخفاقاتٍ تخصّهم».
وعدد أربعة احتمالات لتشييد البناء على هذا العقار والحفاظ في الوقت ذاته على التراث، ولماذا وزارة الثقافة اختارت هذا الاحتمال بالذات، لافتاً إلى أن «في الحفريات، التعامل مع الآثار يكون في حفظها. ففي موضوع الاستملاك هناك أيضاً الطريق الثالثة، وتكمن في نقل القطع الأثرية إلى المتحف أو إلى ساحات معينة لتزيينها. وأيضاً الدمج ضمن المشروع، وهناك سبيلان للدمج: الدمج مع تعديل الموقع، والدمج في الموقع نفسه»، منوّها بأنه «عملياً، هناك ما نطمره ولسنا راضين عنه، وهي مدينة تحت مخيم نهر البارد».
وأكد ليون أنه لم يمح أي قرار اتخذ من قبل أحد وزراء الثقافة السابقين أو تجاوزه. وقال: «حصلت اكتشافات في عهد الوزير طارق متري، وفي أيام الوزير سليم وردة، وجرت إزالة العشب عنها لأنه مضرّ بالآثار». ولفت في هذا الإطار مستغرباً أن «الوزير وردة أخذ إذناً بالدخول لأعمال تعشيب من شركة «سوليدير»!، التي كانت توافق مرّة، وترفض مرّة أخرى، ووضعت شروطاً للتعشيب. كما أُجبر وردة على التنسيق مع جهاز أمن الحريري الذي يرأسه عبد عرب لكي يزيل العشب«.
وأعاد ليّون شرح ما يتعلق بميدان سباق الخيل، «فهو يتألف من تراب ومدرّجات والشوكة الوسطية. أما البقايا في هذه الآثار، فهي جزء من المدرج، وجزء من الشوكة الوسطية. وأوعزنا إلى المالك صاحب العقار بأنه ممنوع المسّ بهذه البقايا، ويوجوب التقيد بشروط اللجنة الاستشارية».
وأشار إلى أن «كلّ مساحة الطابق الذي سيشيد فوق العقار، حيث الموجودات الأثرية سيبقى مكشوفاً ومفتوحاً لكل الزائرين مجاناً. والعقار المجاور له ورقمه 1379 مكتوب عليه «الحمام الروماني» التابع لميدان سباق الخيل، وكان وافق الوزير تمام سلام على إزالته ووضعه في مكان آخر».
وأكد في خلاصة حديثه، أن «كل الأمر يتفاعل لعدم إقفال واجهة منزل سعد الحريري في «إمبراطورية بيت الوسط» حيث جزء من هذا الميدان مشاد عليه «بيت الوسط».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق