د. سيقلي: اذا طالت الحازوقة يجب استشارة الطبيب فوراً

من منّا لم يُصَب بالـ»حازوقة» يوماً وأثار انتباه المحيطين به؟ جميعنا تعرّضنا لها وهي مزعجة لأنها تحول دون إكمالنا الحديث الذي نتجاذبه مع الآخرين. ما هي الحازوقة؟ وما هي أسبابها وعلاجاتها؟ أسئلة يجيب عنها الدكتور موريس سيقلي، الإختصاصي في امراض الجهاز الهضمي والكبد في مستشفى الأرز.

 

- دكتور سيقلي، ما هي الحازوقة؟

الحازوقة حالة عابرة تنجم عن تهيّج العصب المسؤول عن حركة الحجاب الحاجز Diaphragme الذي يفصل القفص الصدري والبطن، والذي ينجم عن عوامل مرضية متعددة سنسردها تدريجاً.

- كيف نصاب بها؟

أثناء التنفّس الطبيعي نسحب الهواء عبر الأنف والفم ليتدفق الى البلعوم، ثم الى الرئتين عبر القصبة الهوائية، وبعد ذلك يعود الهواء بصورة عكسية بالتسلسل عينه، حتى الوصول الى الحجاب الحاجز الذي يتجاوب مع عملية التنفس، فيهبط الى الأسفل مع الشهيق ويصعد مع الزفير، ويتمّ التحكّم بحركته عبر مجموعة من الأعصاب. وأيّ هيجان لهذه الأعصاب يدفع الحجاب الحاجز الى تقصير مدة حركته، ما يسبب تسارعا في التنفس. ونتيجة لهذا التسارع، يتمّ قطع هذا التنفس بواسطة لسان المزمار Epiglotte، وهذا الغلق المفاجىء يسبّب صوت «الحازوقة». وبالتالي، فإنّ السبب المباشر للحازوقة هو الحجاب الحاجز المسؤول عن الحركة التي تسبّب هذه الحالة.

- ما هي الأسباب الكامنة وراء الإصابة بالحازوقة؟

ان الأسباب التي تؤدي الى هذا التسلسل من العوامل مختلفة، وبإمكاننا تقسيمها الى اسباب متعلقة مباشرة بأمراض الجهاز الهضمي، وأخرى تندرج في إطار الأمراض العامّة خارج نطاقه (الجهاز الهضمي).

- هل لك ان تذكر لنا الأمراض الداخلة في نطاق الجهاز الهضمي؟

اولاً، هناك ما يسمّى بالارتداد المعوي المريئي الناجم عن «فتق» او ارتخاء في فم المعدة Beance du cardia اللذين يسبّبان ارتداد الحامض المعوي الى المريء حيث تظهر عوارضه بعد فترة من الزمن، مثل الحرقة والحموضة والسعال الناشف، او فقدان الصوت، او حتى اوجاع الصدر التي تكون مصحوبة بغصة جزئية او دائمة، وعندما تصل درجة التقرّحات في المريء الى تقرحات بالغة، تظهر الحازوقة المصحوبة بداية بكل العوارض المذكورة اعلاه. ما يعني اننا تخطّينا، عند ظهورها، حدّاً ما من هذا الارتداد المعوي المريئي من دون علاج.

ثانياً، ان كل التهاب في غشاء المعدة، خصوصاً اذا كان قد تطوّر الى قرحة مرضية، بإمكانه ان يؤدي الى عوارض مثل الحازوقة، باستثناء آلام المعدة وسوء الهضم او القيء.

ثالثاً، كذلك الأمر بالنسبة الى الالتهابات او التقرّحات التي نشهدها في اول الأمعاء الدقيقة اي الإثني عشر، تضاف الى تلك الأسباب الأكثر شيوعاً، بعض الأمراض الخبيثة التي تطال الجهاز الهضمي العلوي، مثل: أورام المريء او المعدة. من هنا اهمية إجراء الفحوصات العامة، وخصوصاً التنظير للمريء والمعدة، للتأكد من السبب الفعلي، والخضوع بالتالي للعلاج المناسب.

- وما هي الأسباب الأخرى التي تخرج عن نطاق الجهاز الهضمي؟

إن الأسباب الخارجة عن محور الجهاز الهضمي عديدة، منها المتعلقة مباشرة بالضغط على العصب المسؤول عن حركة الحجاب الحاجز، مثلاً التورّمات المكتشفة في مستوى الرئتين، القصبة الهوائية او الجهاز التنفسي عموماً. كما هناك الأورام الناشئة ما دون الحجاب الحاجز كتورّمات البنكرياس.

وهناك ايضاً الأسباب العامة، مثل ارتفاع نسبة المادة المتبلّرة في البول او اليوريا والكرياتين في الدم، او بعض تورمات الدماغ التي تؤثر مباشرة في الحجاب الحاجز وتؤدي الى الغثيان والتقيؤ. لذا، في حال لم يكمن السبب في الجهاز الهضمي او الأعضاء المجاورة، نطلب عندئذ سكانر للدماغ ترافقه الفحوصات التقليدية اللازمة لاكتشاف السبب.

- لقد سردنا الأسباب، فما هي العلاجات المتوافرة؟

بناءً على الفحوصات الطبية والأحداث المرضية التي ألمّت بالشخص المصاب بالحازوقة، يستطيع الطبيب تقويم الحالة التي يعانيها المريض اثناء زيارته له. فالعلاج ينقسم الى نوعين:

الأوّل، يكون الطبي في المنزل، وهو يتمثّل بوصف بعض الأدوية التي تشكّل حماية للمعدة وللمريء، كما هنالك ادوية تعمل على تهدئة نسبة الهيجان الممارس على العصب الذي يحرّك الحجاب الحاجز. اما الثاني فيستوجب دخول المستشفى، وهذا يعتبر من الحالات المزمنة التي تندرج ضمن الحالات الحادة جداً، والتي لم تتجاوب مع العلاج الطبي المنزلي، ولها علاقة بأمراض خبيثة مختبئة وراءها، وتستدعي إجراء فحوصات مخبرية والخضوع الى صوَر شعاعية، وبالتأكيد اللجوء الى التنظير. تجدر الإشارة الى ان هذه الحالات هي أقل نسبة من غيرها، والعلاج يتعلّق بالسبب المباشر للحالة نفسها، اذ ان لكلّ حالة علاجها الخاص يقرّره الطبيب.

- ما رأيك في الوصفات القديمة التي توصي بها الجدّات للتخلّص من الحازوقة؟ على هامش الحالات المرضية، باستطاعتنا الإشارة الى الحازوقة العابرة التي تعتبر الأكثر شيوعاً في المجتمع، والتي لا تدوم اكثر من بضع دقائق، وهي لا تمثّل حالة مرضية معيّنة، لكنها تزول إجمالاً بالوسائل التي تعتمدها الجدّات، اذ إنها تنجم عن السرعة في تناول الطعام والتعرّض البرد، او بعد تناول وجبة غذائية ثقيلة، او ممارسة الرياضة العنيفة. كما لا بد ان نعرّج على الحازوقة الفيزيولوجية التي تصيب صغار السن، وهي ظاهرة طبيعية غير مرضية، حيث ان معظم البشر يواجهون الحازوقة الأولى وهم في رحم الأم، لأنّ الجنين يستخدمها في عملية التنفس حتى اكتمال نمو الرئتين. وهذا ما يفسّر سبب حدوث الحازوقة للأطفال الخدّج، أي الذين وُلدوا قبل أوانهم، اكثر من الأطفال العاديين. ويمكننا تهدئة الرضيع المصاب بالحازوقة، من خلال حمله وتدليك أعلى ظهره برفق ليتجشّأ. وتبقى الوسائل الشعبية سارية المفعول، لكن ضمن إطار معيَّن وشروط محدودة، وكل حازوقة تدوم اكثر من المعتاد يجب ان تدفع المصاب بها الى استشارة الطبيب فوراً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات