"" هل ينتقم «حزب الـله» هذه المرّة؟ ""

جورج سولاج


تتّفق الولايات المتّحدة الأميركيّة وإسرائيل على منع إيران من امتلاك سلاح نوويّ، وتختلفان على الوقت المُتاح لتحقيق هذا الهدف.

فإسرائيل تستعجل توجيه ضربة عسكريّة سريعة ومدمّرة لتعطيل البرنامج النووي الإيراني، فيما تعتمد واشنطن على العقوبات الاقتصادية وتشكيل ائتلاف دوليّ وزيادة الضغط الديبلوماسيّ والاكتفاء بإعداد الخطط العسكرية في هذه المرحلة، على اعتبار أنّ هناك مُتّسعاً من الوقت لحلّ القضية النوويّة الإيرانية سلميّاً.

والعجَلة الإسرائيلية استوجبت اجتماعاً عُقد أمس بين رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيوش الأميركية الجنرال مارتين ديمبسي ونظيره الإسرائيلي بيني غانتس لتقويم المعلومات الاستخباراتية لدى كلّ منهما حيال الأنشطة الإيرانية في المجال النوويّ وتحديد نقطة بالغة الأهمّية عنوانها: هل تخَطّى الإيرانيّون حدّاً ما؟ أي هل اقتربوا من مرحلة تمكّنهم من إنتاج سلاح نووي؟

واللافت أنّ مراكز الأبحاث والدراسات الاستراتيجية في واشنطن واكبَت هذا الملفّ بتحليل تداعيات ضربة استباقية محتملة على إيران، وما يمكن أن يفعله "حزب الله" كردّ فعل أو انتقام.

ويكشف أحد التقارير أنّ "حزب الله" "اكتسب أصولاً مادّية هائلة في لبنان، من بينها ترسانة ضخمة وأميال من أنفاق معقّدة وأنظمة مخابئ مُحصّنة تحت الأرض، وسوف تتعرّض للاستنزاف أو التدمير لو فتح الحزب صراعاً جديداً مع إسرائيل... ولن يحقّق أيّ مكسب استراتيجي".

"حزب الله" يعي أنّ إعادة التسلّح في المستقبل يمكن أن تكون صعبة، خصوصاً إذا سقط النظام السوريّ المحاصَر عربيّاً ودوليّاً، وحلّ محلّه نظام سنّي غير ودّي للقيادة الشيعية في طهران، حسب التقرير، وإنّ إعادة التسلّح بحراً ستكون معقّدة ومحفوفة بالمخاطر، وقد تعود القوّات الدولية العاملة في لبنان إلى التشدّد في تطبيق الحظر البحري بموجب القرار 1701.

والحرب مع إسرائيل ستكون أكثر تدميراً وكلفة من السابق نظراً إلى أنّ الفريقين كان لديهما الوقت للتخطيط والإعداد، وإنّ إسرائيل لن تستهدف أصول "حزب الله" فقط بل مجمل البنى التحتية اللبنانية، وفق التقرير الذي يعتبر أنّه "حالما يتمّ الشروع في توجيه الضربة لإيران فإنّ قيمة إمطار إسرائيل بالصواريخ ستكون رمزيّة أكثر منها استراتيجية". ووفقاً لرئيس الموساد السابق مئير داغان سوف يكون لانتقام "حزب الله" "تأثير مدمّر" على الحياة اليوميّة في جميع أنحاء إسرائيل، لكنّ التدمير الماديّ الفعلي للبنان سوف يقنع كلّاً من طهران و"حزب الله" بأنّ التكلفة ستكون باهظة جدّاً.

ويغمز التقرير من قناة سلوك "حزب الله" في أعقاب اغتيال قائده العسكري عماد مغنية عام 2008 في دمشق، وامتناعه عن أيّ ردّ كبير في إطار سياسة عقلانية تتجنّب الأكلاف الباهظة. ويخلص إلى أنّ "حزب الله" يمكن أن يجد نفسه غير قادر على الحياد تماماً، إلّا أنّه أمام احتمال تداعي النظام السوري، يواجه قيوداً وضغوطاً غير مسبوقة من شأنها أن تزداد شدّة إذا تمّت الإطاحة بالرئيس بشّار الأسد. ومن منظور حساب التكاليف والفوائد يمكن للحزب عندئذ أن يقرّر أنّ مهاجمة إسرائيل ردّاً على توجيه ضربة لإيران يمكن أن تأتي بنتائج عكسيّة، ومع ذلك فإنّ القرار في النهاية ربّما لا يرتكز على العقلانية، ولكن على الوجوب الشرعيّ بالدفاع عن راعي الحزب الديني الرئيسي في طهران.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات