أبو النصر: «إليكِ سيدتي طرائق للتعامل مع ابنكِ المراهق»

بداية لا بد من تعريف سريع ومختصر للمراهقة، فهي مرحلة انتقالية من حيّز الطفولة الى حالة النضج وتبدأ في مرحلة البلوغ الجنسي. هي مرحلة عبور من فترة الاتكالية التي يعتمد في أغلبها الطفل على الأهل الى مرحلة الاستقلالية أي الاعتماد على الذات. فالطفل كان تابعاً للأسرة واصبح كائناً مستقلاً قادراً على الانفصال. كيف نتعامل معه؟ التفاصيل مع الأخصائية في علم النفس التربوي السيدة نسرين أبو النصر.

 

فالمراهق في هذا العمر يجد نفسه بعيداً عن عالم الصغار وفي نفس الوقت غير معترف به في عالم الكبار فتراه محصوراً في مكان حيادي لا هو تابع الى مرحلة الصغار ولا الكبار فيكون المراهق في هذه الفترة حائراً ثائراً مشتت الأفكار متقلب المزاج فتراه مرات في حالة مرح وفكاهة ومرات في حالة زعل وتعصيب، لديه مخاوفه الكثيرة المتعلقة بمظهره، بحاضره ومستقبله المجهول وصراعاته المتعلقة بين المسموح والممنوع وما يريد هو وبين جيله والجيل الماضي. كما لديه أيضاً حاجات مختلفة من جسدية ونفسية ومادية وإجتماعية بحاجة للإشباع بطريقة مقبولة إجتماعياً. فتظهر عليه علامات نفسية: كتغيّر المزاج، والعصبية، والتمرّد على سلطة الوالدين، والطموح الزائد وزيادة الثقة في النفس، والاستقلالية والميل الى تكوين صداقات من نفس السن واحلام اليقظة... كل هذه الأمور تجعل المراهق يمر في حالة تغيير. فهو يتغيّر جسدياً (البلوغ) وشكلياً (أمور تظهر على الصبي كخشونة الصوت، والطول، الشارب واللحية، والميل إلى الجنس اللطيف... أما بالنسبة للبنت: نعومة الصوت، واتساع الحوض استعدادا للحمل والدورة الشهرية...) وإنفعالياً (تتغيّر أحاسيسه وتتبدل) لذلك لا بد من التغيير أيضاً في طريقة التعامل من قبل الأهل نحو المراهق. فالبنت لم تعد طفلة، أصبحت صبية والولد لم يعد طفلاً أصبح شاباً لذلك وتبعاً للتغيير الذي يطرأ على المراهق يطرأ التغيير أيضاً في طريقة معاملة المراهق من قبل الأهل. والقاعدة تقول: إذا كان الطفل يتغيّر فلا بد أن يتغيّر الأب والأم في أسلوب تعاملهما معه. ففي بداية مرحلة المراهقة، يجد الأبوان أنّ الابن قد تغيّر تماماً في الجسم كما في السلوك ويحاولان إعادته لمصاف الأطفال وإخضاعه لسلطتهما وبالتالي يبدأ المراهق في الدفاع عن نفسه وعن حريته في التعبير عما تغيّر في داخله ويبدأ الصراع.

فلمعاملة المراهق معاملة خاصة، فالطريقة المثلى تكمن في احترامهم و احترام شؤونهم الخاصة وخصوصياتهم الشخصية ومراعاة شعورهم وما يمرون به من مرحلة صعبة ومهمة لكي يجتازوا هذه المرحلة بطريقة سوية متكيفة ومن دون إشكاليات. ومن مظاهر احترام المراهق أيضاً الاعتذار له عند الخطأ.

أيضاً فهم المرحلة التي يمر بها والإعداد لها. وعلى الأهل التقرّب منه من الناحية النفسية والعاطفية وذلك لا يتم إلا عن طريق الحوار.

حقيقة الحوار مع المراهق تعدّ من أهم المهارات في التربية التي يجب أن يتقنها الأهل والحوار مع المراهق لا يكون بإلقاء النصائح والمواعظ على مسمعه وإنما بالاستماع إليه وتعرّف مشاكلَه وهمومَه عن قرب وإشعاره بالحبّ والقبول والطمأنينة وبأنه مقبول من الناحية الجسدية والنفسية.

كما على الأهل مراعاة الأمور التالية في تعاملهم مع ابنهم أو ابنتهم المراهقة:

• البعد عن الاستهزاء بهم والسخرية من مظهرهم فيا ليت الأهل يتذكرون أنفسهم وهم في فترة المراهقة وما كانوا عليه من تأثر ببيئتهم الاجتماعية من موضة سائدة للثياب وأفكار وآراء لذلك من غير المستحب الاستهزاء بالمراهق والطريقة التي يعتمدها في ارتداء ملابسه أو يقدم بها نفسه والاقتصار على النقد البناء واللطيف.

• مراقبتهم من بعيد وعدم إشعارهم أنهم مراقبون ومحط قلق.

• الثناء على المراهقين والإشادة بمنجزاتهم وتعزيز ثقتهم بنفسهم وذلك عبر قضاء وقت لطيف معهم أو التباهي بمنجزاتهم ومواهبهم وتعليمهم تحمل المسؤولية بإسداء مهمات لهم والثقة في إتمام هذه المهمات.

• العمل على تقوية الصحبة بينهم والصداقة وذلك عبر إخبارهم عن مرحلة المراهقة للأهل والصعاب التي مروا بها آنذاك والضحك سوياً على مشكلات سابقة مرّ بها الأهل وأخذ العبر منها بطريقة غير مباشرة.

• أخيراً ونظراً لدقة المرحلة التي يمر بها المراهق فعلى الأهل التحلي بالمرونة فكلما كانت العلاقة وسط كلما تمكن المراهق من التعبير عما يجول بنفسه ويبدي آراءه دون فرض لكن هذا لا يعني ترك الحبل له على الغارب فهناك ضوابط دينية وأخلاقية واجتماعية لا بد من مراعاتها والحزم اللطيف مطلوب في هذه المرحلة والاعتراف بأن المراهق لديه مشاكل أو عيوب سوف يمر بها ويجتازها بشكل أكيد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات