"" هكذا ظهرت العذراء ... وهذه رسالتها ""

الحدث في لبنان في اليومين الماضيين كان الشاهدة الإيطالية ماريا بافلوفيتش التي شاءت العناية الإلهية أن تستقدمها إلى الشرق الأوسط للمرة الأولى عبر بوابته الأساسية لبنان، بلد الفينيقيين الذي وطأته أقدام السيد المسيح والذي زحف أبناؤه مسلمين ومسيحيين، لملاقاة ماريا بأعداد فاقت التوقعات، إذ وصل عدد الحضور إلى 50 ألفا، التفوا حولها بصمت وتأمل وإيمان، وأثبتوا من خلالها للعالم وللعذراء مريم أنهم ما زالوا يؤمنون أن الإيمان والصلاة هما الطريق الوحيد والأسلم لبلوغ السلام الحقيقي.

 

وافقت الشاهدة ماريا على الحضور إلى لبنان، بعدما ألحّ عليها الأب بولس فهد أعواماً في كل مرة كان يقصدها في مديغوري، وفي كل مرة كانت تعده بأنها ستأتي يوماً ما. لكنه في الأسابيع الماضية، سافر وأقام عندها وبالغ في إلحاحه، بحجة أن لبنان يحتاج هذه الأيام إلى ظهور السيدة العذراء على ارضه فتجاوبت ماريا ولبّت النداء.

الظهور الأول

الظهور الأول للعذراء في مديغوري، شوهد بواسطة ماريا وستة آخرين، في 25 كانون الأول 1984، ومنذ ذلك الوقت اصبح هذا التاريخ مفصليا في حياتها، اذ تتوالى فيه الرسائل من العذراء مريم إليها وتتوجه بواسطتها إلى شعوب العالم.

لا تريد ماريا إيصال رسائل خاصة من العذراء مريم إلى اللبنانيين فقط، لأن العذراء عندما تريد إيصال الرسائل لا تتوجه إلى بلد معين أو إلى شخص معين، فهي بوصاياها تتوجه إلى جميع الشعوب والبشر من كل الأديان، وهي لا تتكلم مع المسيحيين فقط، لأنها تعتبر أن البشر جميعهم هم أبناء الله، وهي بذلك تتوجه برسائلها لتقول إن الأديان فرّقت بين الشعوب، والشعب صانع هذه التفرقة لكن عند الله، الإنسان واحد ومتساوٍ، فالله يحبّ الجميع ولا يفرق بين مسيحي ومسلم أو أي دين آخر، إذ انه يعتبر أن الجميع هم أبناء الله.

ظهور العذراء
في لبنان ظاهرة مقدسة

الشاهدة ماريا إيطالية الأصل، من بلدة مديغوري أو يوغوسلافيا الوسطى. لا تحب المقابلات الخاصة، متزوجة من ايطالي ولها أربعة أولاد ذكور، وقد جالت العالم من الشرق الأدنى حتى أوروبا. لا تحب الحديث عن خصوصياتها، وتتذكر أنها بكت بقوة في الظهور الأول للعذراء مريم عندما نقلت رسالتها الأولى إلى العالم طالبة السلام والمصالحة بين الإنسان والله.

وتقول ماريا أن زيارتها لبنان وجولاتها العالمية «ستستمر لأن هدفها واحد. فالعذراء تريد ترميم السلام بين الانسان والله، فالإنسان هجَّر الله من قلبه والسلام ما زال في خطر لأن الملحدين كثر والذين لا يحبون الصلاة يتكاثرون ويبتعدون اكثر عن الله، وقلائل هم الذين يلبون نداءات السيدة العذراء».

أما عن الظهورات، فتقول ماريا إن «الكثير يدّعون اليوم قدرتهم على قراءة الظهورات، لكنني لا أؤمن بها، أو بأي ظهور رسمي إلا الظهور الذي يتم من خلال رسائل عذراء ميديغوري، لأنه يكون مسكونياً وكونياً، فيه تلتقي الحشود والشعوب بأجمعها لتصلي مع الجماعة بإيمان وسط الجموع، وليس في حي صغير يجتمع فيه اثنان أو عشرة أشخاص.

ولأن ثمار الظهور هي الارتدادات والاعترافات وتطهير الحياة والقلوب وعودة الانسان الى الصلاة، فإن الظهور في هذه الحالة يكون عاما وليس خاصا».

وفي نظر الشاهدة ماريا، أن «جميع الذين يدّعون الظهورات، وإن تمعنّا في شخصهم نرى الانانية التي تتملكهم، فهدفهم هو أن يظهروا هم، اكثر من إيصال الرسالة من خلالهم. وهذا أمر يدحض ادعاءاتهم، لأن المهم ان تظهر رسالة العذراء وليس ان نظهر نحن. من هذا المنطلق عزفت عن المقابلات الخاصة».

وأكدت الشاهدة ماريا أن «لا ظهور خاصا للعذراء مريم بل هناك نداءات شاملة، ولكن ظهور العذراء في لبنان وفي ارضه يعتبر بركة وظاهرة مقدسة في حد ذاته، لأن البركة تكون عندما تظهر العذراء في ارض معينة، وهي بذلك تعلن نفسها تلقائيا ملكة على المكان، وظهورها امس في لبنان وعلى ارضه توّجها وثبّتها كما يقول اللبنانيون في صلواتهم، ملكة لبنان وهذا فخر لكم أن تكون أم الله ملكة وطنكم».

ماذا قالت العذراء للبنانيين؟

ما خطف أضواء الحضور أمس هو ظهور مريم العذراء، عندما تطلعت صوبها ماريا وطلبت منها مباركة شعب لبنان وأرضه حتى يعم السلام في ارضه ومن خلاله الى الشرق الاوسط. وبعد صلوات وتأمل، بدأت تلاوة المسبحة ورتبة القداس وشهادة حيّة لذكريات الشاهدة ماريا تحدثت فيها عن طفولتها ومن ضمنها رسائل العذراء لها.

وبعد سجود المؤمنين، ساد الصمت المطبق، ورفعت ماريا يديها، وسط دهشة الحاضرين وبكاء الكثيرين، لتطلب السلام ورسالة العذراء، فما كان من العذراء إلا أن لبّت النداء، فتمّ الظهور، وبدأت ماريا تحرك شفتيها، تالية رسالة العذراء إلى اللبنانيين والحاضرين، فباركتهم، وطلبت لهم الحماية من يسوع، ثم باركت ارض لبنان وشعبه وطلبت من ابنها يسوع حماية الشرق الاوسط وحراسة بوابته

بيروت. عندها علا التصفيق، فبكى الجميع متأثرين. كما طالبت السيدة العذراء السياسيين سلوك طريق القداسة.

لماذا تأخر الظهور؟

تحصل ظهورات العذراء للشاهدة ماريا في السابعة مساء كل يوم، لكن السبت تأخر الظهور للمرة الأولى. وهنا يعتقد بعض المؤمنين الحاضرين، أن العذراء انتظرت لتستكمل كل الصلوات

وانتظرت لينتهي المؤمنون من تلاوة المسبحة لأنها أرادت الظهور في الوقت الذي يناسبها والذي حدّدته هي، وهو بالتأكيد ناتج من إرادة الله.

أما عن سبب تأخر الظهور، فقالت ماريا في جلسة خاصة أن «الناس كانوا كثراً وأنها طلبت من العذراء مباركة الجميع فرداً فرداً، وقبول كل نيّات الحاضرين، فاستجابت العذراء لتضرعات المؤمنين، وأخذت كامل وقتها لتجول بنظرها على الحضور، فتأملت كل شخص ووهبت بركتها الأمومية، وصلّت على نيتهم، كما طلبت من ابنها يسوع السلام للشرق الأوسط بعدما تأكدت أنها باركت الجميع من دون استثناء.

العناية الإلهية أرادت هذا الحدث

وفي هذا الإطار، قال الأب مروان خوري الذي كان حاضرا لـ « الجمهورية» أن «العناية الإلهية هي التي أرادت هذا الحدث، وهي التي أرادت أن يؤتى بهذه المرأة الشاهدة إلى ارض لبنان، لأن الله عالم ومدرك بأن الخطر يتفشى في هذه البؤرة من الشرق الاوسط، وهو أراد القدوم بواسطة امه العذراء وأمّ البشر ليعرض علينا السلام الآتي من السماء وليس من البشر صانعي الحروب والكوارث».

وأكد أنّ «فحوى الرسالة التي تكلمت عنها ماريا هي أن السلام سيأتي نتيجة ارتداد الناس ونتيجة عودة الله إلى القلوب وعيالنا وحياتنا، وأن السلام هو نتيجة الصلاة التي نتلوها باستمرار ومن دون كلل أو ملل او تذمر لنعود إلى الأسرار، لحضور القداديس والاعتراف ورفع صلوات المسبحة، وتؤكد ماريا في رسائلها أن هذه الوسائل هي وحدها التي تردع الحروب وترجع السلام الى قلب الانسان».


كلمة منها... «بتشفيني»

تحمل المسبحة بيدها اليسرى، وتمسح عرقها المتصبّب من جبينها باليمنى، بعدما أصرّت على المشاركة في هذا اللقاء رغم إصابتها بداء المفاصل منذ سنوات، فعلى حدّ تعبيرها، «كلمة إمنا بتشفي». لم تجد الجدة سهام ما تحمله معها سوى حبّها الكبير لمريم العذراء وآلامها، فتقول: «أمضيت العمر وأنا أحلم بالذهاب إلى مديغورييه للمشاركة بظهورات العذراء، إلا أن الأحوال المادية والأوضاع العائلية، لم تسمح لي، لذا وجدت ان العذراء بنفسها تحنّنت عليّ وجاءت لزيارتي».

وبفرحة عامرة تنضح رجاءً، تضيف: «زيارة ماريا إلى لبنان أعادت إلى الأذهان زيارة البابا يوحنا بولس الثاني، وهذا الحشد من المؤمنين يؤكّد لنا ان الوجود المسيحي بخير، ويمكن لشملنا أن يلتف بعيداً من الاصطفافات السياسية».

من جهتها، لم تتردّد ليلى وزوجها في المشاركة لا سيّما وأنّ الله لم ينعم عليهما بطفل، على رغم مضي 10 أعوام على زواجهما، وبقلب محروق تخبر الزوجة: «أشارك وفي قلبي غصّة لا تقلّ عن معاناة اليصابات، لذا أتمنى أن يحمل ظهور العذراء على ماريا بصيص أمل إلى أحشائي ونبضة قلب». وتضيف: «كلّني إيمان بأنّ شيئاً ما سيتغيّر في حياتي، فحضور العذراء يصنع المعجزات، وقد لا أعود عاقراً».

هكذا لمستني...

«هي السماء على الأرض»، بهذه العبارة يختصر فادي (24 عاما) مشاركته في الصلاة يوم السبت، فيقول: «أبيت أن اصلي إلا جاثيا على ركبتي، حيال الخشوع الرهيب، ووسط الإيمان الحار لا يمكن إلا ان تشعر بأن احدا لمس قلبك، وانا بنفسي شعرت العذراء تلمس قلبي بحنان، فبكيت لشدة تأثري وغبطتي».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات